بزيادة ، وكان فيهم أبو طالب وحمزة والعباس فحضّرت ما أمرني به رسول الله صلىاللهعليهوآله معمولا فوضعته بين أيديهم فضحكوا استهزاء ، فأدخل إصبعه رسول الله صلىاللهعليهوآله بأربعة جوانب الجفنة.
فقال : كلوا أو قولوا : بسم الله الرّحمن الرحيم ، قال أبو جهل : يا محمد ما نأكل. فهل أحد منا ما يأكل الشاة مع أربعة أصواع من الطعام ، قال : كل وأرني في أكلك ، فأكلوا حتى تملوا ، وأيم الله ما نرى أثر أكل أحدهم ولا نقص الزاد ، فصاح بهم رسول الله صلىاللهعليهوآله كلوا ، فقالوا : أو من يقدر على أكثر من هذا ، فقال : ارفعه يا علي ، فرفعته ، فدنا منهم محمد صلىاللهعليهوآله وقال : يا قوم اعلموا أن الله ربي وربكم ، فصاح أبو لهب وقال : قوموا إن محمدا سحركم ، فقاموا ومضوا فاستبقهم علي بن أبي طالب عليهالسلام وأراد أن يبطش بهم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا يا علي أدن مني ، فتركهم ودنا منه فقال له : أمرنا بالإنذار لا بذا (١) الفقار لأنّ له وقتا ، ولكن اعمل لنا من الطعام ما عملت ، وادع لي من دعيت ، فلما أتى غدا فعلت بالأمس ما فعلت ، فلما اجتمعوا وأكلوا كما أكلوا ، قال لهم رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما أعلم شابا من العرب جاء قومه بأفضل ما جئتكم به من أمر الدنيا والآخرة ، قيل : فقال أبو جهل : قد شغلنا أمر محمد فلو قابلتموه برجل مثله يعرف السحر والكهانة لكان أشرحنا ، فعد كلامه عتبة بن ربيعة ، وقال : والله إني بصير بما ذكرته وقال : والله لم لا تباحثه ، قال : حاشا إن كان به ما ذكرت ، فقال له : يا محمد أنت خير أم هاشم ، أنت خير من عبد المطلب أنت خير أم عبد الله؟ أنت خير أم علي بن أبي طالب؟ دامغ الجبابرة قاصم أصلاب أكبرهم ، فلم تضل آباءنا وتشتم آلهتنا ، فإن كنت تريد الرئاسة عقدنا لك ألويتها وكن رئيسا لنا ما بطنت ، وإن كان بك الباه زوجناك عشرة نسوة من أكبرنا ، وإن كنت تريد المال جمعنا لك من أموالنا ما يغنيك أنت وعقبك من بعدك ، فما تقول؟ فقال : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا ...) إلى آية (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ) فأمسك عتبة على فيه ورجع ناشده بالله اسكت ، فسكت وقام ومضى ، فقام من كان حاضرا خلفه فلم يلحقوه ، فدخل ولم يخرج أبدا ، وعدوه قريش فقال أبو جهل : قوموا بنا إليه ، فدخلوا وجلسوا ، قال أبو جهل : يا عتبة محمد سحرك ، فقام قائما على قدميه ، وقال : يا لكع الرجال ، والله لو لم تكن ببيتي لقتلتك شر قتلة ، يا ويلك قلت : محمد ساحر كاهن شاعر ، سرنا إليه سمعناه تكلم بكلام من رب السماء فحلفته وامسك ، وقد سميتموه الصادق الأمين هل رأيتم منه كذبة؟ ولكني لو تركته يتمم ما قرأ لحل بكم الذهاب والعذاب» (٢).
__________________
(١) في الأصل : بذات.
(٢) لم نجده في المصادر بهذه الالفاظ نعم روي قريب منه في مناقب أهل البيت للشيرواني : ١٠٤ ـ ١٠٥ ، وكنز.