لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً) (١) هو وصيي ، والسبيل إليّ من بعدي» فقالوا : يا رسول الله بالذي بعثك بالحق أرناه فقد اشتقنا إليه ، فقال : «هو الذي جعله آية للمؤمنين المتقين فإن نظرتهم إليه نظر من كان له قلب أو القى السمع وهو شهيد عرفتم أنه وصيّي كما عرفتم إني نبيّكم، فتخلّلوا الصفوف وتصفحوا الوجوه فمن أهوت إليه قلوبكم فإنه هو لأن الله عزوجل يقول في كتابه : (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) (٢) [أي] إليه والى ذرّيته عليهالسلام» قال : فقام أبو عامر الاشعري في الأشعريين وأبو غرة الخولاني في الخولانيين وظبيان وعثمان بن قيس في بني قيس ، وعرنة الدوسي في الدّوسيين ، ولاحق بن علاقة ، فتخللوا الصفوف وتصفحوا الوجوه وأخذوا بيد [الأنزع] الأصلع البطين وقالوا : إلى هذا أهوت أفئدتنا يا رسول الله فقال النبي صلىاللهعليهوآله : «أنتم نخبة الله حين عرفتم وصي رسول الله صلىاللهعليهوآله قبل أن تعرفوه ، فبم عرفتم أنه هو» فرفعوا أصواتهم يبكون وقالوا : يا رسول الله نظرنا إلى القوم فلم تحن لهم قلوبنا ولما رأيناه رجفت قلوبنا ثم اطمأنت نفوسنا وانجاشت أكبادنا وهملت أعيننا وانثلجت (٣) صدورنا حتى كأنه لنا أب ونحن عنده (٤) بنون ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : «(ما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) أنتم منه بالمنزلة التي سبقت لكم بها الحسنى وأنتم من النار مبعدون».
فقال : فبقى هؤلاء القوم المسلمون حتى شهدوا مع أمير المؤمنين عليهالسلام الجمل وصفين ، فقتلوا بصفين رحمهمالله وكان النبي صلىاللهعليهوآله يبشرهم بالجنة وأخبرهم إنهم يستشهدون مع علي بن أبي طالب كرم الله وجهه (٥).
الحديث الثالث : صاحب كتاب المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة عن ابن المبارك بن مسرور قال : حدثنى علي بن محمد بن علي الأنذركي بقراءتي عليه قال : أبو القاسم عيسى بن علي الموصلي عن القاضي أبي طاهر محمد بن أحمد بن عمرو النهاوندي قاضي البصرة قال : حدثني محمد بن عبد الله بن سليمان بن مطير عن الحسن بن عبد الملك عن أسباط عن الأعمش عن سعد ابن جبير عن عبد الله بن عباس قال : كنا عند رسول الله صلىاللهعليهوآله إذ جاء أعرابي فقال : يا رسول الله سمعتك تقول : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ) فما حبل الله الذي نعتصم به؟ فضرب النبيصلىاللهعليهوآله يده في يد علي
__________________
(١) الفرقان : ٢٧.
(٢) ابراهيم : ٤٧.
(٣) انثلجت : ارتاحت وكان في المخطوط : وتبلجت ، وانجاشت : اضطربت.
(٤) في المصدر : له.
(٥) كتاب الغيبة : ٣٩ ـ ٤٠ ح ١.