مخصوصة ، وإضافة مخصوصة فهذا (قول) (١) قد ذهب إليه جمع عظيم من الحكماء والمتكلمين ، وهو المختار عندنا. وهو الحق. وذلك لأنا إذا علمنا شيئا فإنا نجد بين عقولنا وبين ذلك المعلوم نسبة مخصوصة وإضافة مخصوصة. ولهذا السبب فإنه ما لم يحصل في مقابلة الشيء الذي هو العالم شيء آخر هو المعلوم ، امتنع حصول الأمر المسمى بالعلم. وبالجملة: فحصول هذه النسبة عند حصول الأمر المسمى بالعلم وبالإدراك وبالشعور ، كالأمر (٢) المعلوم بالبديهة.
وأما القسم الثاني. وهو أن يقال : العلم صفة حقيقية. فهذا قول جمهور الفلاسفة ، فإنهم يقولون : العلم عبارة عن حصول صورة المعلوم في العالم. وقد ذكرنا هذه المسألة في أول المنطق من هذا الكتاب ، وبالغنا في إبطاله ، وأوردنا في تزييفه دلائل كثيرة قاهرة (٣). وأما القسم الثالث. وهو أن يقال : العلم صفة حقيقة مع إضافة مخصوصة. فهذا قول أكثر المتكلمين ، فإنهم قالوا : العلم صفة مخصوصة قائمة بذات العالم ولتلك الصفة تعلق بالمعلوم ، وعنوا بهذا التعلق ما سميناه بالنسبة والإضافة ، وهؤلاء المتكلمون أنكروا كون تلك الصفة الحقيقية صورة مساوية لماهية المعلوم ، بل قالوا : إنه ماهية مخصوصة ، وهي من حيث إنها هي مخالفة لماهية المعلوم ، إلا أن بينها وبين المعلوم نسبة معينة مخصوصة ، وتلك النسبة مسماة بالتعلق.
وأما القسم الرابع : وهو أن يقال : العلم صفة حقيقية مخصوصة من باب السلوب ، والقائلون بهذا القول فريقان. فالفريق الأول : طائفة من قدماء المتكلمين. قالوا : لا معنى للعلم إلا عدم (٤) الجهل ، إلا أنه بقي هذا المذهب مخبطا غير ملخص.
وذلك لأن الجهل قد يراد به عدم العلم ، فإذا جعلنا العلم عبارة عن عدم الجهل فحينئذ يكون العلم عبارة عن عدم عدم العلم ، فيكون أمرا ثابتا.
__________________
(١) من (س).
(٢) كالأمر المعلوم (م).
(٣) قاهرة (م).
(٤) انظر ما كتبه موسى بن ميمون عن العناية الإلهية في «دلالة الحائرين».