بالخط على وجه الإتقان. ولا سبب لذلك إلا عدم (١) العلم ، فيثبت أن عدم العلم بالشيء ينافي الإتيان به على وجه الإحكام والإتقان.
ومن المتكلمين من يدعي العلم الضروري بأن فاعل المحكم المتقن يجب كونه عالما بذلك الفعل ، ويذكر تلك الأمثلة لأجل التنبيه على أن العلم بهذه المقدمة علم ضروري. فهذا تمام الكلام في تقرير هذا الدليل.
ولقائل أن يقول السؤال عليه من وجوه :
السؤال الأول : هو أن دلائل المتكلمين في إثبات القادرية والعالمية ، بتقدير صحتها لا تدل على المقصود ، لأنه لا يمتنع في بديهة العقل أن يقال : إن واجب الوجود لذاته علة لموجود ، وذلك الموجود عالم لذاته (وقادر لذاته) (٢) ، وخالق للعالم ، فإنه لما ثبت أن العالم محدث وجب افتقاره إلى محدث وفاعل ، ولزم أن يكون ذلك الفاعل قادرا عالما. ولا يبعد (٣) أن يكون ذلك العالم القادر معلولا لذاته أو واجب الوجود ، لذاته. إما من غير واسطة ، أو بواسطة واحدة أو بوسائط كثيرة.
وإذا كان ما ذكرناه محتملا ، سقط الاستدلال بهذه الوجوه المذكورة على كون واجب الوجود لذاته : عالما قادرا. فهذا سؤال مبين ، وما رأيت أحدا من المتكلمين دار حوله. والغفلة عنه في مثل هذه المطالب العالية من العجائب.
واعلم أن الذي يمكننا ذكره في دفع هذا السؤال وجهان :
الأول : إنا قد ذكرنا في مقدمة هذا الكتاب أن المطالب الإلهية ، عالية ، والعقول البشرية ضعيفة ، فيجب أن يكتفى فيها بالأخذ بالأخلق والأولى. وعند هذا نقول : لما ثبت حدوث العالم وثبت افتقاره إلى فاعل ومحدث ، وجب الاعتراف بهذا الفاعل والمحدث. فأما إثبات الوسائط فلم يدل على وجودها
__________________
(١) من (س).
(٢) من (س).
(٣) أما لا (م).