الثاني : لو سلمنا هذا الأصل. لكنكم تدعون أن العلم بالماهية مشروط بحضور هذه الصورة ، أو تدعون أن العلم بالماهية نفس حضور هذه الصورة؟ فإن ادعيتم الأول فهو مسلم. إلا أنه لا يلزم من حضور (١) شرط الثاني ، حصول ذلك الشيء ، فلم يلزم من حضور شيء لشيء صيرورة ذلك الشيء عالما به. وإن ادعيتم الثاني فهذا باطل. للوجوه الكثيرة التي لخصناها في إبطال هذا الكلام.
الثالث هب أن حضور الماهية المجردة عند حضور (٢) ماهية أخرى مجردة : في نفس العلم. فلم قلتم : إن ذات الشيء (٣) حاضرة عند نفسه؟ وبيانه : وهو أن حضور شيء عند شيء ، نسبة مخصوصة بينهما ، وحصول النسبة مشروط بكون أحد (٤) المعنيين مغايرا (للآخر) (٥) وعند عدم التغاير يستحيل الحكم عليه بكونه حاضرا عند نفسه.
لا يقال : الكلام عليه من ثلاثة أوجه :
الأول : إن حضور الشيء عند الشيء (٦) أعم من حضوره عند شيء يغايره ، لكن(٧) لا يلزم من نفي الخاص نفي العام ولا يلزم لذلك من كذب (٨) قولنا : إن الشيء لم يحضر عند غيره ، كذب قولنا : إن الشيء لم يحضر عند الشيء.
الثاني : وهو أن كل ذات مشخصة ، فإنها ماهية تشخصت. وتشخص تلك الماهية زائد على تلك الماهية ، فقد حصل هناك أمور ثلاثة. أحدها : تلك
__________________
(١) حصول (س).
(٢) حضور (ت).
(٣) الله (ط) الشيء (م).
(٤) بكون المعنيين (م).
(٥) من (م).
(٦) عند نفسه (ت).
(٧) يغايره لا يلزم (م).
(٨) من كذب (م).