كونه ألفا مغايرا لكونه علة للباء ، إلا أنه من لوازمه. والأول باطل. لأنا بالضرورة نعلم التفرقة بين أن يقال (١) : الألف ألف. وبين أن يقال الألف علة للباء. ولو لا التغاير لما حصلت هذه التفرقة. وأيضا : فالألف إشارة إلى تلك الذات المخصوصة وكونه علة لكذا حالة نسبية إضافية والحقيقة المخصوصة التي ليست هي في نفسها نسبة وإضافة ، لا بد وأن تكون مغايرة للنسبة وللإضافة. وأيضا : فإنه يصح العلم بتلك الحقيقة المخصوصة مع الذهول عن كونها علة للباء ، ويصح أيضا تعقل المفهوم من علة الباء ، مع الذهول عن تلك الحقيقة المخصوصة. وذلك يوجب التغاير. إذا ثبت هذا فنقول : ثبت أن كون الألف ألفا مغاير لكونه علة للباء. وإذا كانت هذه (المغايرة حقه) (٢) لم يكن علمه بنفسه المخصوصة(٣) وذاته المعينة عين العلم بكونه علة للباء. اللهم إلا أن يقال : إن علمه بذاته يوجب العلم بلوازمه ، إلا أن هذا نفس المطلوب. فإذا جعلناه مقدمة في إثبات هذا المطلوب ، لزم إثبات الشيء بنفسه ، وأنه باطل. وتمام الكشف أنا قلنا : الدليل على أنه يلزم من علمه لذاته المخصوصة علمه بمعلوله الأول ؛ هو أنه لذاته (٤) علة لذلك المعلول القريب. فإذا علم ذاته فقد علم كونه علة لذلك المعلول القريب. ونقول : موضع المغالطة هو هذا الكلام. فإنكم إن أردتم أن ذاته نفس كونه علة للمعلول القريب. فهذا باطل. وإن سلمتم التغاير. فلم قلتم : إنه يلزم من علمه بتلك الذات المخصوصة علمه بكونه علة للمعلول القريب؟ وهل النزاع وقع إلا في قولكم : إن العلم بالشيء يوجب العلم بلوازمه؟ فهذا تمام البحث عن هذه المقدمة.
ثم نقول : الذي يدل على أن هذه المقدمة ليست (٥) حقة وجوه : الأول : إنا نعلم ماهيات كثيرة ، وحقائق كثيرة. وكل حقيقة يشير
__________________
(١) الألف الألف (م).
(٢) من (س).
(٣) بنفسه المخصوصة (م).
(٤) لذاته (م).
(٥) المقدمة حقة (س).