نوع آخر من المقارنة وذلك مما لا امتناع فيه البتة.
ثم نقول : حاصل هذا الكلام يرجع إلى أن الصورة الذهنية مساوية للموجود الخارجي في تمام الماهية ، فلما صحت المقارنة عليها حال كونها ذهنية ، وجب أن تصح هذه المقارنة عليها حال كونها خارجية ، وهذا غلط. لأن مقارنة بعضها مع البعض : مقارنة الحالين في المحل الواحد ، ومقارنتها مع جوهر النفس مقارنة للحال في المحل. وبتقدير أن يوجد شيء منها في الأعيان ومقارنتها بسائر الصور ، فذلك مقارنة المحل للحال. وهذه الأنواع الثلاثة من المقارنة مختلفة في الماهية ، ولا يلزم من جواز أحد هذه الأنواع على ماهية جواز سائر الأنواع عليها ، لما ثبت أن الماهيات المختلفة لا يجب (١) تساويها في الأحكام ، فيثبت أن هذا الكلام مغالطة محضة (٢).
السؤال السابع : نقول : إن دل ما ذكرتم على أن كل ما صح على الماهية حال كونها ذهنية ، وجب أن يصح عليها ، حال كونها خارجية ، إلا أن هاهنا دلائل تمنع من ذلك. وهي من وجوه :
الأول : إن الماهية حال كونها ذهنية عرض محتاج إلى المحل ، وحال كونها موجودة في الخارج جوهر قائم بالنفس. والعرض يستحيل أن ينقلب جوهرا. وبالضد. وذلك يدل على أنه ليس كل ما صح على أحدهما ، فإن يصح على الثاني.
والوجه الثاني : إن هذا الكلام إنما يتم ، إذا قلنا : إذا عرفنا الله تعالى ، فإن الصورة (٣) العقلية في ذهننا ، مساوية في تمام الماهية ، لذات واجب الوجود لذاته. وهذا يقتضي أن تكون ماهية واجب الوجود لذاته ، نوعا تحته أشخاص. وذلك باطل بالاتفاق.
والوجه الثالث : إنا إذا أدركنا ماهية السماء فلو ، كان هذا الإدراك
__________________
(١) لا يجوز (س).
(٢) محضة (م).
(٣) في ذهننا (م).