المقارنة ، لكان ما ذكرتم لازما ، إلا أنا بينا أن بتقدير صحة القول بالصور الذهنية ، فإن الحق أنه ليس العلم عبارة عن نفس تلك الصور الذهنية ، بل عن نسبة مخصوصة مشروطة بحصول تلك الصور الذهنية. وإذا كان الأمر كذلك ، لم يلزم من حصول هذه الصور ، حصول العلم. لاحتمال أنه حصول النسبة (١) المسماة بالعلم ، وكما أنه مشروط بحضور الصورة الذهنية ، فكذلك مشروط بشرائط أخرى ، وتلك الشرائط الأخرى مفقودة هاهنا. ففات الحكم بفوات تلك الشرائط.
السؤال التاسع : هب أنه ثبت أنه يصح على ذات الله تعالى كونه عالما بالأشياء. إلا أن الحكم لا يكفي في حصول كون القائل قائلا ، بل لا بد معه من حصول المقتضى. فهذه الحالة ، وإن كانت ممكنة بالنظر إلى القائل إلا أنه لم يوجد المقتضي لذلك ، فيبقى على الامتناع لفوات المقتضى ، لا لعدم القائلية. وبيان فوات المقتضى : (أن المقتضى) (٢) لحصول تلك القائلية ، إما تلك الذات (٣) المخصوصة أو غيرها ، فإذا لم تكن تلك الذات المخصوصة مقتضية لهذا الأثر ولم يكن غيرها صالحا لهذا الاقتضاء ، فحينئذ قد فات المقتضى ، ففات الأثر لفقدان المقتضى ، وإن كانت القائلية حاصلة.
السؤال العاشر : سلمنا أنه تعالى عالم بغيره. فلم قلتم : إنه يجب أن يكون عالما بذاته؟ قوله : «لأن كل من علم شيئا أمكنه أن يعلم كونه عالما بذلك الشيء. وذلك الشيء. يوجب كونه عالما بذاته لأن كل تصديق فإنه مسبوق بتصور الطرفين».
قلنا : السؤال عليه من وجهين :
الأول : إن هذا مشكل بم أنه يمكننا أن نحكم على هذا الشخص بأنه إنسان ، وليس بفرس؟
__________________
(١) يريد بالنسبة أن يقول أن العلم زائد على الذات.
(٢) من (س).
(٣) تلك المخصوصة (م).