وأما الإجابة عن (١) السؤال الثاني : فنقول : العلم نسبة مخصوصة ، وحصول النسب مشروط بحصول المغايرة ، فلو كانت تلك المغايرة (هي المغايرة) (٢) الحاصلة بين المفهوم من كونه عالما ، وبين المفهوم من كونه معلومات ، فحينئذ تكون المغايرة الحاصلة بهذا الاعتبار متقدمة بالرتبة على حصول العلم ، لكن حصول العلم لتلك الذات متقدم بالرتبة على صيرورتها ، عالمة ومعلومة ، فيلزم وقوع الدور ، وهو محال. فهذا تمام الكلام في تقرير هذه الشبهة ونقول : الدليل على كونه تعالى عالما بذاته المخصوصة وجهان :
الأول : ما ذكرناه في الطريق الأول أنه جوهر مجرد غني (٣) عن المادة ، وكل ما كان كذلك فإن ذاته حاضرة لذاته ، وكل ما كان كذلك فإنه يكون عالما بذاته. وتمام الكلام في تقرير هذا المعنى قد سبق.
الوجه الثاني : أن كل من علم علم شيئا (٤) فإنه يمكنه أن يعلم كونه عالما به وذلك مشروط بكونه عالما (٥) بنفسه على ما بيناه.
وأما الشبهة التي ذكروها. فالجواب عنها : أنا بينا أن ذات الله تعالى ذات معينة ، وكل ما كان كذلك فهناك ماهية ، وهناك تعيين. وهناك مجموع تلك الماهية مع ذلك التعيين، فقد حصلت المغايرة من هذا الوجه ، وهي كافية في إمكان حصول النسب والإضافات لتلك الذات.
المسألة الثانية : اعلم أن كل ذات عقلت نفسها ، فتلك الذات عاقلة وهي بعينها أيضا معقولة ، فعقلها بنفسها لنفسها. هل هو عين نفسها أم لا؟ قال الشيخ الرئيس : إنه تعالى عقل وعاقل ومعقول ، والكل شيء واحد. وذلك لأنه ذات مجردة ، فبما أنه ماهية مجردة ، فهو عقل ، وبما أنه حصل لماهية فهو معقول ، وبما أنه حصلت له ماهية فهو عاقل. فالعقل والعاقل والمعقول
__________________
(١) الإجابة عن : زيادة.
(٢) من (م ، ت).
(٣) من (م ، ت).
(٤) من (م ، ت).
(٥) من (س).