واحد (١) ولقائل يقول : السؤال عليه من وجوه :
الأول : إن لفظ العقل والعاقل والمعقول إما أن تكون ألفاظا مترادفة أو متباينة. فإن كان الأول لم يكن في ذكرها فائدة معنوية ، وإن كان الثاني فهي إما أن تكون مفهومات سلبية أو ثبوتية. والأول باطل لأنا دللنا على أن معنى الشعور والإدراك ليس مفهوما سلبيا ، فبقي الثاني ، ولا شك أنها ليست مفهومات متباينة (٢) بل هي صفات لهذه الذات (٣) ، وحينئذ يبطل قوله : إن هذه الألفاظ الثلاثة لا تفيد كثرة في المعنى.
الوجه الثاني : وهو أنا قد دللنا على أن معنى الشعور والإدراك معنى نسبي إضافي ، فيمتنع كونه عين تلك الذات المخصوصة.
الوجه الثالث : إن العقل يتفرع على حصول التعقل ، وكونه معقولا لنفسه ، يتفرع على كونه عاقلا لنفسه ، فهذه المفهومات الثلاثة يتفرع بعضها على البعض ، فيمتنع كونها مفهوما واحدا. والله أعلم.
المسألة الثالثة : في تقرير دلالة المتكلمين في كونه تعالى عالما بجميع المعلومات.
قالوا : إنه تعالى يصح أن يكون عالما بكل واحد من المعلومات التي لا نهاية لها ، والموجب لكونه تعالى عالما (٤) هو ذاته المخصوصة ، ومتى كانت الصحة حاصلة في الكل ، وكان الموجب هو ذاته المخصوصة وجب أن يكون عالما بجميع المعلومات.
وهذه مقدمات ثلاثة لا بد من تقريرها.
__________________
(١) من (س).
(٢) المترادف مثل الحنطة والبر والقمح لحقيقة واحدة والمتباين : ما يفيد المغايرة ليبين أن حقيقة شيء ، غير حقيقة شيء آخر.
(٣) الذوات (س).
(٤) عالما (س).