بجميع المعلومات التي لا نهاية لها. وهذا تمام تقرير هذا الدليل.
ولقائل أن يقول : السؤال عليه من وجوه :
الأول : لا نسلّم أنه يصح كونه تعالى عالما ، بكل واحد من المعلومات قوله : «إنه قادر عالم ، وكل قادر عالم فإنه حي ، وكل حي ، فإنه يصح أن يعلم كل واحد واحد من المعلومات» قلنا : هذا مغالطة. لأن معنى الحي : أنه الذي يصح أن يعلم ويقدر. فقوله : كل قادر عالم فإنه حيّ ـ معناه : أن كل قادر عالم ، فإنه لا يمتنع أن يكون موصوفا بتلك القدرة ، وبذلك العلم. فلم قلتم : إن كل من لا يمتنع أن يكون موصوفا بالقدرة المخصوصة وبالعلم المخصوص ، فإنه لا يمتنع أن يكون موصوفا بسائر العلوم؟ فإن كان قولنا : إن كل من علم شيئا أمكنه أن يعلم سائر المعلومات. مقدمة بديهية ، فاتركوا هذا الدليل ، واكتفوا بدعوى البديهة. وإن كانت مقدمة نظرية ، فلا بد في تقريرها من الدليل. وما ذكرتموه وإن كان يوهم أنه دليل إلا أن البحث الذي ذكرناه ظهر أنه إعادة تلك المقدمة بعبارة أخرى.
والسؤال الثاني : هب (١) سلمنا أن تلك الذات المخصوصة لا يمتنع عليها كونها عالمة بسائر المعلومات. فلم قلتم : إن يجب كونها عالمة بسائر المعلومات؟ قوله : تلك الذات المخصوصة هي الموجبة لتلك العالمية (ونسبة تلك الذات الموجبة لتلك العالمية) (٢) إلى سائر العلوم (على التسوية) (٣) قلنا : هذا ممنوع. فلم لا يجوز أن يقال : تلك الذات المخصوصة توجب لذاتها بعض العالميات دون بعض؟ وقوله : «ليس كونها موجبة لبعض تلك العالميات أولى من كونها موجبة لسائرها (٤)» كلام ضعيف. لأنا نقول : ندعي (٥) أنه ليس بعضها أولى من البعض في نفس الأمر ، أو تدعي عدم هذه الأولوية في عقولنا وأذهاننا؟
__________________
(١) هب (س).
(٢) من (م).
(٣) من (م).
(٤) موجبة بسائرها (س).
(٥) الداعي (م).