الصفة المغايرة ، والناقص يمتنع كونه إلها ، وإن كان الثاني وجب تنزيه الله تعالى عنه ، لأن ما لا يكون صفة كمال ، امتنع الحكم بكونه تعالى موصوفا به.
الشبهة الثالثة : إنا قد ذكرنا أن العلم نسبة مخصوصة (وإضافة مخصوصة) (١) وحصول النسبة والإضافة مشروط بحصول المضافين ، مثلا : أبو زيد لعمرو ، لا يمكن حصولها إلا بعد حصول ذات زيد وعمرو ، ولما كانت المعرفة والعلم نسبة مخصوصة وجب أن يكون حصولها موقوفا على حصول المضامين. إذا ثبت هذا فنقول : ذات الباري تعالى لا تكون كافية في حصول الصفة المسماة بالعلم ، لأنا بينا : أن العلم نسبة ، وحصول النسبة لا يستقل به شيء واحد البتة ، فإذا ذات الباري يمتنع خلوه عن العلم ـ والعلم موقوف على المضاف الثاني ـ لزم (أن تكون ذات الله تعالى موقوف التحقق على اعتبار غيره ، والموقوف على الغير ممكن لذاته فيلزم) (٢) أن يكون واجب الوجود لذاته ممكن الوجود لذاته ، وهو محال.
الشبهة الرابعة : قالوا : العلم عند الفلاسفة عبارة عن صورة مطابقة للمعلوم وعند المتكلمين عبارة عن نسبة مخصوصة تحصل بين العلم وبين المعلوم. وعلى كل التقديرات ، فإنه يجب أن يكون العلم (بكل) (٣) معلوم مغاير للعلم بالمعلوم ، الآخر.
أما على قول الفلاسفة فلأن كل شيء فإنه مخالف للشيء الآخر ، إما بحسب (أصل) (٤) ماهيته وإما بحسب تعينه ، فالصورة المطابقة لأحدهما لا بد ، وأن تكون مخالفة للصورة المطابقة للأخرى.
وأما على قول المتكلمين : فلأن الانتساب إلى هذا يصح تعقله حال الذهول عن الانتساب إلى غيره ، والمعلوم مغاير لغير المعلوم ، فيثبت أن (على
__________________
(١) من (م).
(٢) من (م).
(٣) من (م).
(٤) من (م).