مخصوصة تنكشف بها حقائق المعلومات فنقول : قد ذكرنا في كتاب «العلم» : (أن العلم) (١) : لا معنى له إلا هذا الانكشاف ، وإلا هذا التبيين المخصوص ، فأما إثبات صفة وراء هذه النسبة المخصوصة ، وسوى هذه الإضافة المخصوصة ، فقد ذكرنا في كتاب «العلم» : أن الدليل لم يدل على ثبوته البتة. (وإذا ثبت هذا) (٢) فنقول : إنه لما دل الدليل على أن هذه النسبة المخصوصة قد تغيرت. كان ذلك حكما بأن العلم قد تغير. ثم نقول : سلمنا : أن العلم أمر (٣) مغاير لهذه النسبة المخصوصة ، إلا أنا نقول : إن ذلك الشيء المخصوص. هل يوجب النسبة المخصوصة إلى المعلوم المخصوص أو لا يوجبه؟ (فإن كان يوجبه) (٤) فهو ليس بعلم. لأن العلم عبارة عن هذا الانكشاف ، وهذا التجلي. ولا شك أن الانكشاف والتجلي حالة نسبية بين العلم وبين المعلوم. فإذا فرضنا صفة ليست هي نفس هذا التجلي ولا موجبة لهذا التجلي ، امتنع كونه علما. وأما إن قلنا : إن تلك الصفة المخصوصة موجبة لهذه النسبة المخصوصة ، ولهذه الإضافة المخصوصة ، فعند زوال هذه النسبة المخصوصة قد زالت لازمة ذلك العلم. وزوال اللازم يدل على زوال الملزوم. فههنا يجب القطع أيضا بزوال ذلك العلم.
(وأما الجواب عن الشبهة الثالثة) (٥) : وهي قولهم : إنا إذا فرضنا بقاء اعتقاد : أن زيدا سيدخل البلد غدا إلى وقت حصول الدخول فإنه بتعين ذلك العلم يصير عالما بأنه حصل ذلك الدخول. فنقول : الجواب عنه أن نقول : أكثر المتكلمين يقولون : البقاء على المعلوم ممتنع ، بل إنه عرض (٦) يحدث حالا فحالا. وإذا كان هذا البقاء ممتنعا ، فكيف عرفوا : أنه لو حصل هذا الممتنع فإن الأمر يكون كذا وكذا؟ ومن الذي أخبرهم بأن الأمر كما يقولون؟ ثم
__________________
(١) من (س).
(٢) من (س).
(٣) أمر (م).
(٤) من (م).
(٥) من (ت).
(٦) القول بالعرض ، أحسن ما يقال في تغير العلم.