زيدا جالس في هذا المكان ، فعند قيام زيد من ذلك المكان ؛ إن بقي ذلك العلم كان جهلا ، وإن لم يبق كان تغيرا. ثم ذكرنا مذاهب الناس في كل واحد من هذين القسمين.
وهاهنا آخر الكلام في هذا الوجه. والله أعلم (١).
الحجة الثانية للفلاسفة في هذا الباب : قالوا : لو قدرنا مربعا (٢) مجنحا بمربعين متساويين على هذه الصورة :
وفرضنا كونه تعالى عالما به ، فلا شك أن كل واحد من هذين المربعين الواقعين على هذين الطرفين (يتميز عن الآخر ، وذلك معلوم. إذا ثبت هذا. فنقول :) امتياز كل واحد منهما عن الآخر مشروط بكونهما موجودين فإن حصول الامتياز والتغاير في الشكل والمقدار والصورة مع كونهما معدومين محضين (٣) وسلبين صرفين محال ، فوجب القطع بأن هذا الامتياز لا يحصل إلا إذا كانا موجودين فنقول : هذا الوجود ، إما أن يكون هو الوجود الخارجي أو الوجود الذهني ، والأول باطل. لأنه يمكننا أن نتخيل مثل هذه الصورة تخيلا صحيحا ، حال كونها معدومة في الأعيان. وأيضا (٤) : فالعلم محدث ، فهذه الصورة بأسرها محدثة. ومحدثها هو الله تعالى ، وما لم يكن عالما بها فإنه يمتنع منه إحداثها ، فيثبت أن العلم بأمثال هذه الصور والأشكال ، سابق على وجودها ، فيثبت أن هذا الامتياز حاصل في الوجود الذهني.
__________________
(١) والله أعلم (م).
(٢) هذين المربعين مذكورين أيضا في غير هذا الجزء.
(٣) محضين (م).
(٤) فهذه الصورة بأسرها محدثة (م).