العلم بالشيء ، صورة مطابقة لذلك المعلوم في نفسه ، وكون هذه الصورة مطابقة له ، موقوف على تحققه في نفسه ، ولا يمكن أن يقال : إن كونه متحققا في نفسه ، موقوف على كون هذه الصورة مطابقة له.
إذا ثبت لنا هذا الأصل. فنقول : لو وجب اتصاف ذات الله تعالى بهذه العلوم. وقد دللنا على أن حصول هذه العلوم موقوف على وقوع تلك المعلومات في أنفسها على تلك الوجوه المخصوصة. فحينئذ تكون ذاته المخصوصة مفتقرة إلى حصول تلك العلوم. وقد عرفت (أن حصول تلك العلوم يكون موقوفا على وقوع تلك المعلومات ، على تلك الوجوه المخصوصة. وقد عرفت (١)) أن الموقوف (على الموقوف) (٢) على الشيء يجب كونه موقوفا على الشيء (٣) فيلزم أن تكون ذاته تعالى متوقفة التحقق على تحقق هذه الممكنات ، والمفتقر إلى وجود الممكنات أولى بالإمكان ، فيلزم أن يكون واجب الوجود لذاته ، ممكن الوجود لذاته. وذلك محال.
وهذا بخلاف علمه ـ سبحانه ـ بالماهيات والحقائق. فإن ذلك العلم حاصل سواء كانت تلك الحقائق حاصلة ، أو لم تكن ، وحينئذ تكون ذاته المخصوصة كافية في ثبوت تلك العلوم ، ولا يلزم توقف ذاته تعالى على حصول غيره. فإما العلم بأن زيدا جالس في هذا المكان (فإنه ممتنع الحصول إلا عند كون زيد جالسا في هذا المكان) (٤) فحينئذ لا تكون ذات الله ـ تعالى ـ المخصوصة كافية في حصول هذه العلوم ، بل لا بد معها من اعتبار حصول (٥) تلك المعلومات ووقوعها على تلك الوجوه المخصوصة ، وإذا لم تكن ذات الله كافية في حصول هذه العلوم فحينئذ يلزم المحذور المذكور.
__________________
(١) من (م).
(٢) من (س).
(٣) على وقوع تلك المعلومات على تلك الوجوه المخصوصة. وقد عرفت أن الموقوف : سقط (ت).
(٤) من (م).
(٥) حصول (م).