أن حياة الله تعالى ، تصحح (١) هذه الصفات ، وما ذاك إلا لأن حياة الله تعالى مخالفة لحياتنا ، فلم يلزم من كون حياتنا مقيدة بصحة هذه الصفات كون حياته كذلك ، وإذا ثبت هذا التفاوت في تلك الصورة ، فلم يجوز مثله هاهنا؟
الوجه الثاني : إن بتقدير حصول المماثلة بين الحياتين ، إلا أنا نقول : كما يعتبر في حصول الصحة قيام المصحح ، فكذلك يعتبر فيها كون الذات قابلة. فهب أن الحياة المصححة حاصلة هناك ، إلا أنه لا يمتنع أن يقال : تلك الذات المخصوصة (المخالفة) (٢) بخصوصها لسائر الذوات ، غير (٣) قابلة لهذه الصفة ، ولأجل كون تلك الذات المخصوصة غير قابلة لهذه الصحة انتفت هذه الصحة. والدليل عليه : أن الوجود يصحح جميع الصفات ، ثم إن الوجود حاصل في حق الله تعالى. مع أن أكثر الصفات ممتنعة في حق الله تعالى (وما ذاك إلا لأجل أن تلك الذات المخصوصة غير قابلة لهذه الصفات) (٤) فكذا هاهنا.
والوجه الثالث : هب أن الحياة المصححة لهاتين الصفتين ، والذات المخصوصة قابلة لها من حيث هي هي ، إلا أنه لا يمتنع أن يكون حصول هذه الصحة مشروطا (٥) بشرط مخصوص ، ويكون ذلك الشرط ، ممتنع الحصول في حق الله تعالى ، ففات ذلك الإمكان لفوات الشرط ، لا لفوات المصحح. ولقائل : أن يقول : وإذا كانت هذه الاحتمالات قائمة فقد سقط هذا الدليل.
السؤال الثالث : سلمنا أن صحة هذه الصفة حاصلة في ذات الله تعالى. ولكن ما المراد بالصمم والعمى اللذين جعلتموهما ضدين للسمع والبصر؟ إن عنيتم بالصمم عدم السمع ، وبالعمى عدم البصر ، فحينئذ يرجع حاصل قولكم إلى أن السمع والبصر لو لم يحصلا لكان عدمهما حاصلا ، وعدمهما
__________________
(١) لا تصح [الأصل].
(٢) من (م).
(٣) غير (س).
(٤) من (م).
(٥) من (س).