(اعلم (١) أن المراد من كونه تعالى حيا) : إنه يصح أن يعلم ويقدر ، ولما ثبت بالدليل كونه قادرا عالما. وكل ما كان موجودا امتنع أن يكون ممتنع الوجود ، يثبت أنه تعالى يصح أن يعلم ويقدر ، ولا معنى لكونه حيا إلا ذلك. ولقائل أن يقول : الامتناع مفهوم عدمي ، فنقي الامتناع يكون عدما للعدم ، فيكون موجودا وكونه حيا مفهوم وجودي ، وأنه صفة للذات ، ونعت لها ، فيمتنع أن يكون عين الذات ، (فيكون) (٢) هو صفة وجودية قائمة بالذات.
ومن الناس من قال : الحياة صفة موجودة لأجلها يصح على الذات أن يعلم ويقدر. واحتج عليه : بأنه لو لا اختصاص تلك الذات بالصفة التي لأجلها يصح عليها العلم والقدرة ، لم يكن ثبوت هذه الصحة (٣) لتلك الذات أولى ثبوتها لسائر الذوات.
ويقال له : هذا إنما يلزم لو قلنا : الذوات متساوية في الماهية ، حتى يقال : لو لا اختصاص بعضها بهذه الصفة ، وإلا لما حصل هذا الامتياز. أما لما كانت ذاته المخصوصة مخالفة بالماهية لسائر الذوات لم يلزم ما ذكرتموه.
__________________
(١) عنونا بالباب السابع بدل الفصل الثاني عشر.
(٢) زيادة.
(٣) الصفة (س).