أحد أمرين : إما اللذة ، وإما السرور. وأن الشيء الذي يكون مكروه الحصول لذاته : إما الألم وإما الغمّ.
وأما كل ما يفضي حصوله إلى حصول اللذة والسرور ، فإنه يكون مطلوب الحصول لغيره (١) ، وكل ما يفضي حصوله إلى حصول الألم والغمّ ، فهو مطلوب لغيره (٢).
وأما لفظ الخير والمصلحة ، فإنه يتناول كل ما كان مرادا بالحصول ، سواء كان مراد (٣) الحصول لذاته أو لغيره. (وأما لفظ الشر والمفسدة فإنه يتناول كل ما كان مكروه الحصول ، سواء كان مكروه الحصول لذاته أو لغيره (٤) فهذا أصل معتبر يجب الوقوف عليه.
إذا عرفت هذا فنقول : لما كان حصول اللذة والسرور أمرا مطلوبا بالذات فإذا تصورنا في أمر من الأمور ، كونه مستلزما لحصول اللذة والسرور ، صار مطلوب الحصول. وذلك هو الداعي إلى الفعل. وإذا تصورنا في أمر من الأمور كونه مستلزما للألم والغمّ ، صار مطلوب العدم ، وذلك هو الصارف عن الفعل.
فإن قيل : أليس أن العقلاء يرغبون في المدح والتعظيم ، وتنفر طباعهم عن الإهانة والإذلال ، مع أنه خارج عن الأقسام التي ذكرتموها؟.
قلنا : المدح عبارة عن القول الدال على كونه مستجمعا لصفات الكمال. والذم عبارة عن القول الدال على كونه موصوفا بصفات النقص. والأول يوجب الفرح والسرور. والثاني يوجب الغم والحزن فيكون ذلك داخلا فيما ذكرناه ، إذا عرفت هذا الأصل (٥) فنقول : تمام مباحث هذا الباب إنما تتم بتقسيمات :
__________________
(١) الحصول سقط (ت).
(٢) مطلوب لعدم ذاته (س).
(٣) مطلوب (س).
(٤) من (م).
(٥) الأصل (م ، س).