القسم الأول (١) : أن نقول المكروه بالذات (أحد أمور ثلاثة : الضرر ، وزوال النفع، ودفع دافع الضرر. والمطلوب بالذات (٢)) أحد أمور ثلاثة : النفع ، ودفع الضرر ، ودفع دافع المنفعة.
ويجب البحث هاهنا من وجوه :
البحث الأول : لا شك أن الضرر أقوى من زوال النفع. لأن من المعلوم بالضرورة أن حصول الضرر أقوى في كونه مكروها من أن يبقى الإنسان خاليا عن النفع والضرر. وقال بعضهم : إن كانت المنافع حاضرة ، فتفويتها بمنزلة الضرر. والدليل عليه : أنه يجري حال تفويت المنافع في المعاملات مجرى الضرر. وذلك لأن الرجل يحترز بتحمل (المضرة اليسيرة من فوت المنفعة الكثيرة كما يحترز بتحمل المضرة القليلة من تحمل (٣) المضرة الكثيرة ، كما يتحمل تفويت النفع القليل لئلا يلزم تفويت النفع الكثير. وهذا الكلام ضعيف لأنا إذا أردنا أن نعرف أن أي النوعين أقوى من الثاني وجب أن يعتبر حالهما عند الاستواء في الكمية. ففي هذه الحالة أيهما كان أكمل كميتة (٤) كان ذلك أقوى. ومن المعلوم بالضرورة أنه إذا كان مقدار الضرر ومقدار المنفعة الفائتة متساويين في الكمية (٥) والقوة ، فإن بقاء ذلك المقدار من الضرر أشد كراهية عند العقل من تفويت ذلك القدر من المنفعة. بقي الكلام في أن تفويت المنفعة أشد كراهية أم دفع دافع الضرر؟ الأقرب أن الثاني أقوى. لأن دفع دافع الضرر (يقتضي اتقاء الضرر ، وقد ثبت أن الضرر أشد نفرة من تفويت المنفعة فلزم القطع بأن دفع دافع الضرر (٦) أشد نفرة من تفويت المنفعة.
__________________
(١) التقسيم (س).
(٢) من (م).
(٣) من (م).
(٤) كيفية (م).
(٥) الكيفية (م).
(٦) من (م).