عن الإفادة. وإذا قلنا : ذات الله الموجودة : عالم قادر ، كانت القضية مفيدة ، وافتقرنا في التصديق بها إلى الحجة. ولو لا أن المفهوم من كونه عالما قادرا مغاير للمفهوم من كونه موجودا ، لم يكن الأمر كذلك.
الحجة الرابعة : إنا بينا أنه عالم تحصل النسبة المسماة بالعلم ، لم يحصل كون العالم (١) عالما والنسبة بين ذات العالم وبين ذات المعلوم صفة لتلك الذات ، ومفتقرة إليها ، وكيف لا نقول ذلك ، والنسب والإضافات مقولة بالقياس إلى غيرها ، والذوات القائمة بأنفسها ليست كذلك ، وكل ذلك يوجب التغاير؟
الحجة الخامسة : إن المفهوم من كون الذات قادرة ، غير المفهوم من كونها عالمة. وذلك لأن القادر قد يكون عالما ، وقد لا يكون ، كما أن العالم قد يكون قادرا وقد لا يكون. فلما كان ماهية العالمية غير ماهية القادرية ، وحدّ العالمية غير حدّ القادرية ، فلو قلنا : إنها عين الذات لزم أن يكون الشيء الواحد : لا يكون شيئا واحدا. بل يكون شيئين متغايرين. وذلك محال.
الحجة السادسة : لو كان كونه عالما ، عين كونه قادرا ، لكان كل ما صح كونه عالما به وجب أن يصح كونه قادرا عليه ، فكان يلزم في الواجب لذاته ، وفي الممتنع لذاته أن يكون مقدورا ، كما أنه معلوم له وحيث أطبق أهل العقل أن الواجب لذاته والممتنع لذاته معلوم ، (وليس بمقدور علمنا أن المفهوم من كون الشيء معلوما ، مغاير للمفهوم من كونه مقدورا) (٢) وذلك يقتضي حصول المغايرة بين العلم وبين القدرة.
الحجة السابعة : إن القادر إذا خرج مقدوره إلى الوجود. لم يبق قادرا على إيجاده بعينه. لأن إيجاد الموجود وتحصيل الحاصل محال. والمحال لا قدرة عليه ، فالمقدور بعد دخوله في الوجود لم يبق مقدورا ، لكنه بقي معلوما بعد خروجه إلى الوجود. وصدق هذا النفي ، والإثبات ، يوجب التغاير بين العلم. وبين القدرة (٣).
__________________
(١) العالم (س) الشيء (م).
(٢) من (م).
(٣) من (م ، س).