وعبّر قدماء الفلاسفة عن هذا المعنى فقالوا : إنها حقيقة لا تدركها عقول الخلق ، فلا اسم لها ، إلا أن نشرح الحقيقة بأنها واجبة الوجود لذاتها.
ولمجيب أن يجيب فيقول : الذي ثبت عندنا : أنا لا نعرف تلك الحقيقة المخصوصة. وأما أنه يمتنع عقلا عرفانها ، فذلك لم يثبت بالدليل البتة. وبتقدير أن يكون ذلك ممتنعا لم يبعد أن يشرف الحق ـ سبحانه ـ بعض عباده بتلك المعرفة. وحينئذ يكون وضع الاسم منتفعا به ، وأيضا : فهب أن العقول البشرية تمتنع عليها (هذه المعرفة إلا أنه لم يثبت أن الأرواح القدسية الملكية يمتنع عليها) (١) ذلك. وأيضا : فهب أن العقول البشرية والأرواح الملكية يمتنع عليها تحصيل هذا العرفان ، إلا أنه لا يبعد أن يكون لتلك الحقيقة المخصوصة اسم معين. ثم إنه تعالى يشرف بعض عبيده بتعريف ذلك الاسم ، ولا يبعد أن يكون ذكر ذلك الاسم ، سببا ، لأن تنقاد لذكره الأرواح المطهرة المقدسة ، ولا يبعد أيضا : أن يحصل لذاكره ، قوة في الروح ، لا تحصل إلا بذلك الطريق. فكل هذه الوجوه محتملة.
وأما القسم الثاني : وهو الاسم الذي يفيد جزء الماهية. فنقول : هذا في حق واجب الوجود محال. لأنه فرد منزه عن جهات الكثرة والتركب.
وأما القسم الثالث : وهو الاسم الذي يفيد صفة خارجة عن الماهية. فنقول : هذا الاسم إما أن يدل على صفة حقيقية عارية عن الإضافة ، أو يدل على إضافة فقط (أو على سلب فقط) (٢) أو على صفة حقيقية مع إضافة أو على صفة حقيقية مع سلب. أو على صفة إضافية مع سلب أو على مجموع صفة حقيقية إضافية أو سلبية فهذه أقسام سبعة(٣).
أما القسم الأول : وهو الذي يدل على صفة حقيقية خارجة عن الماهية ،
__________________
(١) من (م).
(٢) من (س).
(٣) حقيقية أو إضافية أو سلبية (م).