فنقول : تلك الصفة إما الوجود ، وإما شيء من كيفيات الوجود ، وإما قسم ثالث مغاير للقسمين ، أما اللفظ الدال على كونه موجودا. فهو لفظ الموجود. واعلم أن الموجود قد يراد به ما قبل (١) الوجدان. وعلى هذا التقدير ، فالموجود يجرى مجرى المعلوم. ومنه قوله تعالى : (لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) (٢) وقد يراد به كونه ثابتا في نفسه متحققا في ذاته. وإذا ثبت هذا الاحتمال فحينئذ لا يكون لفظ الموجود نصا في هذا المعنى. ولهذا السبب كان بعض الموحدين يعبر عن وجوده تعالى في نفسه بلفظ : الهسقية (٣) ، لأن هذا اللفظ ، وإن كان فارسيا ، إلا أنه نص في المقصود ، وأما لفظ الموجود فإنه ليس نصا في هذا المعنى.
إذا عرفت هذا فنقول : الألفاظ الدالة على الذات كثيرة. ونحن نذكر بعضها :
فالأول : لفظة الحق فنقول الحق هو الموجود ، والباطل هو المعدوم. وأحق الأشياء باسم الحق هو الله ـ سبحانه ـ قال ـ سبحانه ـ : (ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِ) (٤) وهو أيضا : يحق الحق. قال تعالى : (وَيُحِقُّ اللهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ) (٥) وأيضا : وعده حق. قال تعالى : (إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) (٦).
واعلم. أن الحق هو الموجود ، والباطل هو المعدوم ، فإذا كان الشيء واجب الوجود كان اعتقاد وجوده ، والإقرار بوجوده : مستحق التقرير والإثبات ، فلا جرم يسمى هذا الاعتقاد ، وهذا الإقرار حقا. وأما إذا كان واجب العدم ، كان اعتقاد وجوده والإقرار بوجوده مستحق العدم ، فلا جرم يسمى هذا الاعتقاد ، وهذا الإقرار : باطلا.
إذا عرفت هذا فنقول : الشيء إما أن يكون واجبا لذاته ، أو ممتنعا
__________________
(١) ما قول (م).
(٢) النساء ٦٤.
(٣) النسبية (س).
(٤) الأنعام (٦٢).
(٥) يونس (٨٢).
(٦) لقمان (٣٣).