لذاته ، أو ممكنا لذاته. (أما الواجب لذاته فإنه حق محض لذاته. وأما الممتنع لذاته فهو باطل محض لذاته) (١) وأما الممكن لذاته فإنه لا يترجح وجوده على عدمه ، إلا بإيجاد موجد ، ولا يترجح عدمه على وجوده. إلا بإعدامه معدم. فعلى هذا : الممكن إذا أخذ من حيث هو هو ، فإنه (يكون) (٢) معدوما ، بمعنى أنه ليس له استحقاق الوجود والعدم من ذاته. وإذا كان كذلك ، فكل ممكن فهو من حيث إنه هو (هو) (٣) باطل. وهالك. ولهذا قال ـ سبحانه ـ (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) (٤) ولما كان كل ممكن فإنه يكون ممكنا أبدا ، وكل ممكن فإنه من حيث هو هو يكون باطلا وهالكا ، لزم أن ما سوى الحق ـ سبحانه ـ فهو هالك أبدا. ولهذا السبب قالوا : لا موجود في الحقيقة إلا الله. وأيضا : فكل ممكن فهو إنما يكون موجودا بالنظر إلى تكوين واجب الوجود ، فواجب الوجود هو الذي يؤثر في جعل ما سواه حقا. ولهذا قال : (وَيُحِقُّ اللهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ) (٥) فهو ـ سبحانه ـ حق لذاته ، و (يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ) (٦) ولما ثبت أنه ـ سبحانه ـ حق لذاته ، كان اعتقاد وجوده واعتقاد كونه موصوفا بصفات العلو والعظمة أحق الاعتقادات ، لأن المعتقد لما كان ممتنع التغير كان ذلك الاعتقاد أيضا ممتنع التغير ، وكذا القول في الإقرار به ، فهو ـ سبحانه ـ أحق الحقائق بأن يكون حقا ، ومعرفته أحق الحقائق بأن تكون حقا ، والإقرار به أحق الأقوال ، بأن يكون حقا.
الاسم الثاني : إنه تعالى «شيء» وقال جهم بن صفوان : لا يجوز تسمية الله بهذا الاسم. واعلم. أن جهما لا ينازع في كونه تعالى موجودا وثابتا. وإنما ينازع في أنه تعالى هل يسمى بهذا الاسم؟.
__________________
(١) من (م).
(٢) زيادة.
(٣) زيادة.
(٤) القصص (٨٨).
(٥) يونس (٨٢).
(٦) الأنفال (٧).