أما الذين أطلقوا هذا الاسم على الله فقد احتجوا بالقرآن واللغة. أما القرآن فقوله تعالى : (قُلْ : أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً؟ قُلِ : اللهُ) (١) قالوا : هذه الآية دالة على أنه تعالى مسمى باسم الشيء. وأيضا : قوله : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) (٢) والمراد بالوجه: اللذات فههنا : استثنى ذاته عن الشيء والمستثنى داخل تحت المستثنى منه. وأما اللغة : فهو أن من أنكر كون المعدوم شيئا. قال : الشيء والموجود مترادفان. ومن أثبت كون المعدوم شيئا ، قال : الشيء ما يصح أن يعلم ويخبر عنه ، فكأن لفظ الشيء أعم من لفظ الموجود. وإذا ثبت هذا فنقول : توافقنا على أنه تعالى موجود ، فإن كان الشيء مرادفا للموجود وجب كونه تعالى مسمى باسم الشيء ، وإن كان الموجود أخص من الشيء ، وقد صدق عليه الوجود الذي هو أخص ، وجب أن يصدق عليه الشيء ، الذي هو أعم.
ولمن أنكر إطلاق اسم الشيء على الله أن يحتج بالقرآن والمعقول. أما القرآن فآيات : أحدها : قوله تعالى : (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) (٣) فلو كان هو تعالى مسمى بالشيء لزم أن يكون خالقا لنفسه ، وهو محال. ولا يجوز أن يحمل ذلك على كون هذا العام مخصوصا ، لأن الخارج إذا كان هو القسم القليل (٤) يجوز حسن إطلاق لفظ الكل (عليه ، فإنه يجوز) (٥) على القسم الأعظم الأكبر ، إجزاء للأعظم مجرى الكل. والحق ـ سبحانه ـ بتقدير أن يقع عليه اسم الشيء هو أعظم الأشياء وأجلها. (لا يجوز ذلك) (٦) فتخصيص العموم في مثل هذه الصورة قبيح وغير جائز. والآية الثانية : قوله (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (٧) (حكم على مثل مثل نفسه بأنه ليس بشيء ، ولا شك أنه مثل لمثل نفسه
__________________
(١) الأنعام.
(٢) القصص (٨٨).
(٣) الأنعام (١٠٢).
(٤) الحقير (س).
(٥) زيادة.
(٦) زيادة.
(٧) الشورى (١١).