فيمتنع تعريف ذاته بهذا الطريق. ولما بطل هذان القسمان ثبت أنه لا يمكن تعريفه إلا بلوازمه وآثاره. ويجب أن تكون تلك الآثار أحوالا ظاهرة جلية. وأظهر الآثار الصادرة عن الله ـ سبحانه ـ تكوين هذا العالم وإيجاده ، فظهر بهذا أن الإنسان إن كان عاقلا ، فإنه يعلم أنه لا سبيل إلى تعريف ذات الله تعالى ـ إلا بذكر مخلوقاته (ومكنوناته) (١) فهذا شرح هذه المناظرة.
الاسم الرابع : الحقيقة. وهي فعيلة ، والفعيل قد يكون بمعنى الفاعل (كالنصير بمعنى الناصر) (٢) والبصير بمعنى الباصر ، والعليم بمعنى العالم. وقد يكون بمعنى المفعول كالقتيل بمعنى المقتول. فالحقيقة في حق الله تعالى ، بمعنى الفاعل : هو الذي يحقق الحقائق ، ويكون الماهيات. وفي حق الممكنات بمعنى المفعول ، يعني أنها محققة بتحقيق الحق لها.
الاسم الخامس : الذات اعلم أن هذه اللفظة وضعت للدلالة على اختصاص شيء بشيء آخر. يقال : امرأة ذات مال ، وذات جمال ، وماهية ذات كذا ، وحقيقة ذات كذا وتمام البيان فيه : أن ذوات الأشياء من حيث أنها تلك الذوات والحقائق مجهولة. لا يمكن تعريفها إلا بصفاتها ، فلهذا السبب يقال : حقيقة ذات كذا وكذا ، حتى تصير تلك الصفة معرفة لتلك الحقيقة. ثم جعل لفظ الذات مفيد لتلك الماهية التي هي موصوفة بالصفات ، فلا جرم دل لفظ الذات على الأمر الذي له صلاحية أن تكون هي موصوفة بالصفات. وهذا هو تفسير الذات ، وأحق الذوات بهذا الاسم ذات الله ـ تعالى ـ لأنه أكمل الذوات في القيام بالنفس عن المحل ، وفي الاستغناء عن المحل والقابل.
الاسم السادس : النفس قال تعالى : (تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي. وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ) (٣) والنفس قد يراد به الجسد ، وذلك في حق الله تعالى محال. وقد يراد به الذات والحقيقة. وهو المراد بهذا اللفظ في حق الله تعالى.
__________________
(١) من (س).
(٢) من (م).
(٣) المائدة ١١٦.