فليست واحدة في الإمكان ، لأنه يمكن وجود مثلها. والكمال في كونه منتفعا به ، أن تكون جميع المنافع حاصلة منه وما ذاك إلا الله ـ سبحانه ـ فإنه هو المبدأ لجميع الممكنات ، والكمال في صعوبة الوصول إليه هو أنه يمتنع الإحاطة بكنهه ، ولا سبيل إلى معرفته إلا بهدايته ، ولا سبيل لأحد من الخلق إلى القيام بشكر نعمه ، وكمال كل هذه المعاني لله ـ سبحانه ـ فيثبت بما ذكرنا : أنه هو العزيز المطلق.
الاسم الرابع : الجبار وفيه وجوه :
الأول : الجبار : العالي الذي لا ينال. ومنه يقال : نخلة جبارة إذا طالت ، وقصرت الأيدي من أن تنال أعلاها. ورجل جبار إذا كان متكبرا لا يتواضع ولا ينقاد لأحد. وهذا الاسم في حق الله يفيد أنه ـ سبحانه ـ بحيث لا تناله الأفكار ، ولا تحيط به الأبصار ، ولا تصل إلى كنه عزّته عقول العقلاء ، ولا يرتقي إلى (مبادي إشراق جلاله علوم الحكماء) (١) وهو بهذا المعنى من صفات التنزيه.
والثاني : الجبار بمعنى المصلح للأمور : يقال : جبرت الكسر ، إذ أصلحته. فالجبار يفيد الكثرة والمبالغة. فعلى هذا : الجبار في الحقيقة : هو الله ـ سبحانه ـ لأنه هو المصلح لمهمات الخلق بحسب أجسادهم وأرواحهم.
والثالث : أن يكون الجبار من أجبره على كذا إذا أكرهه على ما أراد. يقال : جبر السلطان فلانا على كذا ، وأجبره ـ بالألف ـ إذا أكرهه على ما أراد ، فعلى هذا الجبار في وصف الله هو الذي جبر الخلق على ما أراد منهم ، وحملهم عليه ، أرادوا أم كرهوا ، فلا يجري في سلطانه إلا ما يريد ، ولا يحصل في ملكه إلا ما حكم به.
الاسم الخامس : المتكبر وهو الذي يرى الكل حقيرا بالإضافة إلى ذاته ، ولا يرى العظمة والكبرياء إلا لنفسه ، وينظر إلى غيره نظر الملوك إلى
__________________
(١) مقادير ميزان جلاله علوم العلماء (م).