العبيد ، فإن كانت هذه الرؤية صادقة كان التكبر حقا ، وكان صاحبها متكبرا حقا. ولا يتصور ذلك على سبيل الكمال إلا الله ـ سبحانه ـ وإن كانت تلك الرأية باطلة ، ولم يكن ما تراه من التفرد بالعظمة كما يراه ، كان التكبر باطلا مذموما. ولهذا قال ـ عليهالسلام ـ حاكيا عن الله ـ سبحانه ـ : «الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري. من نازعني واحدا منهما قذفته في النار» (١) ولما كان الأمر كذلك ظهر أن التكبر في حق الله ـ سبحانه ـ صفة مدح وكمال ، في حق الخلق صفة نقصان واختلال.
الاسم السادس والسابع : العلي. الكبير قال ـ سبحانه ـ : (فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ) (٢) وقال : (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ) (٣) فقدم في الآية الأولى لفظ «العلي على لفظ الكبير» وفي الثانية عكس الترتيب وقال : (وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما ، وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) (٤) وقال : (وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) (٥) وقال : (وَلَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٦) فنقول : أما العلي فهو مشتق من العلو ، وهو يقابل السفل (ثم إن العلو والسفل) (٧) قد يحصلان في الأمور المحسوسة تارة ، وفي الأمور المعقولة أخرى. أما في المحسوسة فكما يقال : العرش فوق الكرسي ، والسماء فوق الأرض. وهذا العلو لا يحصل إلا في الأجسام. ولما تقدس القدس الحق عن الجسمية ، تقدس علوه عن أن يكون بهذا المعنى. وأما في الأمور المعقولة فكقوله تعالى : (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ ، وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ) (٨) ومعلوم أن هذه الرفعة ليست إلا في صفات الجلال ، وفي البعد عن صفات النقصان.
__________________
(١) الحديث آحاد.
(٢) غافر (١٢).
(٣) الرعد (٩).
(٤) البقرة (٢٥٥).
(٥) الإسراء (١١١).
(٦) الجاثية (٣٧).
(٧) من (م ، س).
(٨) المجادلة (١١).