الإنسان ، ثم أعطاه ألف دينار ، فإنه لا يقال : إنه عابث في فعله ، بل يقال : إنه منعم عليه ، فكذا هاهنا (والله أعلم) (١).
والجواب : قوله : ما الدليل على أن الحاجة والشهوة ضرر؟ قلنا : هذه المقدمة معلومة الصحة بالضرورة. فإن كل أحد يكره كونه محتاجا إلى الشيء ، ويجب كونه غنيا عنه. ومن أنكر هذه المقدمة ، فقد نازع في البديهيات. ولذلك قال بعضهم :
غنيت بلا مال عن الناس كلهم |
|
وإن الغنى الأعلى : عن الشيء ، لا به |
ومن الأمثال المشهورة : «إن استغناءك عن الشيء ، أعظم من استغنائك بالشيء»(٢).
وأيضا : قد اتفق العقلاء على أنه يجب تنزيه الله عن الشهوة وعن الحاجة. وحكموا بأنه إنما يجب تنزيه الله عنهما لكونهما من باب النقائص والآفات. وأيضا : إن المحتاج إلى الشيء (٣) إن لم يجد المحتاج إليه ، كان الألم حاصلا ، وإن وجده إلا أنه يتوقف كمال حاله على وجدان ذلك الشيء. فالتوقف على الغير يوجب الإمكان والحدوث. وكل ذلك من باب النقائص والمضار (٤).
وأيضا : أما قوله : لم قلتم إن الحاجة إلى الشيء حصلت بتخليق الله؟ قلنا : الجواب عنه من وجوه :
الأول : إنا نجد إنسانين أحدهما شديد الرغبة في الملاهي والمشاهي عظيم الميل إليهما ، لا يمكنه المصابرة عنهما إلا بتكليف شديد ، وجهد عظيم. ويكون الثاني شديد النفرة عنهما ، عظيم الانقباض عنهما بحسب الطبع (حتى أنه لا تخطر هذه الأمور بباله في أكثر العمر ، فلو خطر شيء منها بباله ، فإن
__________________
(١) من (م).
(٢) ومن الكلام الجيد : الحصول على الشيء سهل ، والاحتفاظ بالشيء بعد الحصول عليه صعب.
(٣) إلى الشيء : سقط (م).
(٤) والمضار : سقط (م).