الظلم فقال أبو الحسين في كتاب «القدر» في باب القول في الأعواض : قال شيوخنا : إن الآلام تحسن إذا اختصت بشروط. منها : أن تكون مستحقة ، ومنها : أن يكون فيها نفع يوفى على الألم. ومنها : أن يكون فيه دفع ضرر أعظم منه. ومنها : أن يظن بها النفع ، ودفع الضرر. ومنها : أن يكون مفعولا على وجه الدفع. ومنها : أن يكون مفعولا على مجرى العادة ، أو يجري فعل الغير. فإذا اختص الألم بشرط من هذه الشروط حسن ، ولم يكن ظلما. وإذا تجرد عنها كان ظلما. فلهذا جردنا الظلم بأنه ضرر غير مستحق ، ولا فيه نفع يوفى عليه ، ولا دفع مضرة هي أعظم منه ولا يظن به ذلك ، ولا يكون مفعولا على وجه الدفع ، ولا يجري مجرى الغير. وأقول هذا الحد الذي ذكره للظلم مشتمل على قيود ستة :
الأول : أن لا يكون مستحقا. فإن كان مستحقا لم يقبح كالقتل قصاصا وغيره.
القيد الثاني : أن لا يحصل فيه نفع (١) يوفى عليه (٢) ، فإن حصل ذلك لم يكن ذلك ظلما ، كما إذا أذن الله في ذبح البهائم ، لما فيه من الأعواض.
القيد الثالث : قوله : ولا دفع مضرة أعظم منه ، فإن المضرة إذا كانت بحيث تكون دافعة لضرر آخر أعظم منه صار تحملها حسنا.
والقيد الرابع : أن لا يظن به ذلك : فإنه متى حصل هذا الظن حسن الذبح.
القيد الخامس : (أن لا يكون مفعولا على وجه الدفع ، فإن كان مفعولا على وجه الدفع حسن) (٣) كما إذا قصد زيد قتل عمرو فدفعه عمرو عن نفسه ، وصار زيد مقتولا ، عند ذلك الدفع. فقال أبو هاشم : إن العقلاء يستحسنون ذلك عند علمهم ، بأنه مفعول على وجه الدفع.
__________________
(١) دفع (م ، س).
(٢) نفع في علته (س).
(٣) من (م ، س).