تدعي أن كل من تصور. ماهية الظلم على هذا الوجه ، فإنه يحكم عليه بالقبح. ونحن نقول: إن هذا ممنوع. وهل النزاع وقع بيننا وبينك إلا فيه؟ وأنت قد سلمت أن دعوى الرجل الواحد لا تفيد شيئا (وهذا هو الوجه الأول في الجواب) (١).
والوجه الثاني في الجواب : سلمنا حصول الحسن والقبح في أفعال العباد (٢). فلم قلت : إنه يمكن حصوله في أفعال الله تعالى؟ قوله : إنا متى علمناه ظلما علمناه قبيحا ، وإن جهلنا سائر الاعتبارات فوجب أن تكون العلة لهذا القبح هو الظلم. قلنا : لم قلتم : إنه لما حصل العلم بالقبح عند العلم بكونه ظلما ، وجب أن تكون علة ذلك القبح هو كونه ظلما؟ وما الدليل عليه؟ ثم الذي يدل على فساده : إنا متى علمنا كون هذا أبا لذاك ، علمنا كون ذاك ابنا لهذا ، مع أنه يمتنع كون إحدى الإضافتين علة للأخرى. لأن الإضافتين معا ، والعلة متقدمة على المعلول ، والمنع ، ليس نفس القتل.
فهذا تمام الكلام على قول من ادعى فيه الضرورة.
وأما الذين عولوا على الاستدلال. فنقول :
أما الحجة الأولى : فساقطة. لأنا نقول : القادر على الضدين. إما أن يقال : إنه يمكن أن يصدر عنه أحد الطرفين دون الثاني لا لمرجح ، أو لا يمكن ذلك. فإن أمكن ذلك فلم لا يمكن أيضا أن يخص إحدى الصورتين بالحسن ، والأخرى بالقبح لا لمرجح ، وإن توقف على المرجح ، فحينئذ يتوقف صدور الفعل من العبد على قيام الداعي ، وتلك الداعية تكون فعلا لله تعالى قطعا للتسلل. وعلى هذا التقدير ففعل العبد موجب لمجموع القدرة والداعي. وهما فعلان لله تعالى ، وموجب فعل الله تعالى يكون فعلا لله تعالى ، فأفعال العباد بأسرها أفعال لله تعالى. وإذا كان الأمر كذلك فيكون الخير والشر فعلا لله تعالى.
__________________
(١) زيادة.
(٢) أفعال العباد لله (س).