وذلك يبطل القول بأن فعل بعض الأشياء من الله تعالى قبيح.
وأيضا : فقد ذكرنا : أن الله تعالى خصص إحداث العالم بوقت معين من غير مرجح، اختص به ذلك الوقت (١) وكذا القول في تخصيص كل واحد من الحوادث بوقت معين ، وفي تخصيص كل واحد من الذوات ، بصفة معينة ، وإذا عقل ذلك فلم لا يعقل مثله في تخصيص بعض الأحكام بالحسن وبعضها بالقبح من غير مخصص؟
وأما الحجة الثانية (٢) : فالجواب عنها : أن نقول : القول بصحة النبوات وصحة الوعد والوعيد ، إما أن يكون مبنيا (على القول بصحة الحسن والقبح في العقل ، وإما أن لا يكون مبنيا عليه ، فإن كان الأول فحينئذ يكون القول بصحة الحسن والقبح (في العقل) (٣) أصلا للعلم (٤) بصحة الوعد والوعيد والنبوات. فلو أثبتنا العلم بصحة الحسن والقبح بالبناء على إثبات الوعد والوعيد (والنبوات لزم إثبات الأصل بالفرع ، وذلك يوجب الدور ، وهو محال. وإما إن) (٥) لم يكن القول بصحة الوعد والوعيد وبصحة النبوات محتاجا إلى العلم بصحة الحسن والقبح فحينئذ لا يلزم (من القدح في الحسن والقبح العقليين) (٦) القدح في الوعد والوعيد ، وفي النبوات. فيثبت بهذا البرهان : أن الذي ذكروه لا يصح الاستدلال به على إثبات هذا المطلوب.
فإن قالوا : هب أن هذا لا يصح جعله دليلا (٧) لإثبات هذا المطلوب ، إلا أنه يصح ذكره على سبيل الإلزام ، من حيث إنه لما كان القول بصحة النبوات فرع على القول بالحسن والقبح (كان القدح) (٨) في هذا الأصل يوجب
__________________
(١) الوقت (س).
(٢) الحجة الثالثة [الأصل].
(٣) من (م ، س).
(٤) أصلا للعلم (ت).
(٥) من (م ، س).
(٦) من (ت).
(٧) لا يصلح دليلا (م).
(٨) من (س).