واعتبر حال نفسه اعتبارا صحيحا ، وأن الأمر كما ذكرناه.
التقسيم الثاني للدواعي : اعلم أن الداعي إلى الفعل قد يكون كليا ، وقد يكون جزئيا.
مثال الداعي الكلي : أن يريد الرجل أن يذهب إلى زيارة صديق له ، وكان من داره إلى دار صديقه طرق مختلفة. فإرادة الذهاب إلى دار الصديق إرادة كلية تندرج فيها جزئيات كثيرة ، أعني الذهاب إليه من هذا الطريق ، ومنذ ذلك الطريق ، ومن الطريق الثالث.
ومثال الداعية الجزئية : ما إذا أراد الإنسان أن يحرك إصبعه في هذه اللحظة اللطيفة من هذا الحد المعين ، إلى ذلك الحد المعين. إذا عرفت هذا. فنقول : أما الداعية الكلية فإنها لا تصير مصدرا للفعل الجزئي إلا عند انضمام الداعية الجزئية إليها.
وتقريره : أن عند حصول الداعية الكلية ، فالمحل إما أن يكون قابلا لأنواع (١) كثيرة داخلة تحت ذلك الكلي. وإما أن لا يكون كذلك. فإن كان الأول كانت نسبة تلك الداعية الكلية إلى كل واحد من تلك الجزئيات على السوية. ومتى كان الأمر كذلك امتنع رجحان بعضهما على بعض ، إلا لمخصص زائد ، وإلا لزم ترجح (٢) أحد طرفي الممكن على الآخر، لا لمرجح ، وهو محال.
وأما القسم الثاني : وهو أن تحصل الداعية الكلية. إلّا أن المحل لا يقبل إلا نوعا واحدا من الأنواع الداخلة تحت ذلك الجنس. فمثاله : ما إذا أراد الذهاب إلى لقاء صديقه ولا يمكنه الذهاب إليه (٣) إلا في طريق معين. فنقول هاهنا : الداعية الكلية وهي إرادة الذهاب إلى لقاء ذلك الصديق مع العلم بأنه لا يمكن الذهاب إليه ، إلّا مارا بذلك الطريق يوجبان إرادة جزئية. وهي إرادة
__________________
(١) التصحيح من (س).
(٢) ترجح (م).
(٣) التصحيح من (س).