ذلك الفعل إلى الغير. فنقول : عود النفع إلى الغير ، وعدم عوده إلى الغير ، إن كان بالنسبة إليه على التساوي (امتنع أن يكون ذلك الإحسان مطلوبا له ، لأن الاستواء يناقض الرجحان ، وإن لم يكن على التساوي) (١) فحينئذ يكون أحد الجانبين به أولى ، فحينئذ يعود الإلزام المذكور من كونه ناقصا بذاته ، مستكملا بغيره.
الحجة الثالثة : إن تخصيص إحداث العالم بوقت معين من الأوقات المقدرة التي لا أول لها ، وبحيز معين من الأحياز المفروضة في الخلاء الذي لا نهاية له ، إما أن لا يكون لأجل حكمة يختص بها ذلك الوقت المعين ، وذلك الحيز المعين (٢) ، وإما أن لا يكون كذلك. فإن كان الأول فنقول : الأوقات متشابهة ، والأحياز متشابهة ، فاختصاص ذلك الوقت معين ، وذلك الحيز المعين بتلك الحكمة المعينة واجب أن يكون لأمر آخر ، ويلزم منه التسلسل ، وهو محال. وإن كان ذلك التخصيص بذلك الوقت المعين (وبذلك الحيز المعين) (٣) لا لأمر. فحينئذ يكون هذا اعترافا بأن أفعاله تعالى ، قد وقعت من غير داعية مرجحة ، وإذا انتفى أصل الداعي ، كان انتفاء الداعية المكيفة ـ أعني داعية الأحياز ـ ألزم.
فهذه وجوه مختصرة في إبطال هذا القول. وسيأتي الاستقصاء في ذكر الدلائل على أن تعليل أفعال الله ـ تعالى ـ وأحكامه برعاية المصالح والأغراض قول باطل. والله أعلم (٤).
__________________
(١) من (م).
(٢) المعين (م).
(٣) من (م ، ت).
(٤) والله أعلم من (م ، ت).