إحدى الحالتين هو الوجوب والحاصل في الحالة الثانية هو الامتناع ، ظهر (١) حينئذ أن التأثير على سبيل الصحة والجواز قول لا يقبله العقل البتة. هذا تمام الكلام في تقرير هذا السؤال.
واعلم أن المتكلمين قولهم في هذا المقام قولان : منهم من سلّم أن الرجحان بدون المرجح محال.
إلا أنهم زعموا : أن عند حصول المرجح يصير الفعل أولى بالوقوع ، إلا أن تلك الأولوية ، لا تنتهي إلى حد الوجوب. ومنهم من قال : إن الرجحان بدون المرجح في حق القادر غير ممتنع ، وضربوا لذلك أمثلة : منها المخيّر بين شرب القدحين ، ومنها المخير بين أكل الرغيفين ، ومنها الهارب من السبع إذا وصل إلى مشعب الطريقين ، فإنه يختار أحدهما دون الآخر ، لا لمرجح (قالوا : ولا بد هاهنا من الاعتراف بإمكان أن يصدر عن القادر أحد مقدورية ، دون الآخر لا لمرجح) (٢) إذ لو وقفنا به على انضمام المرجح إليه وقد ثبت أن عند انضمام المرجح إليه يصير واجب الوقوع فحينئذ يلزم أن لا يبقى فرق بين الموجب وبين القادر ، لكن العلم بهذا الفرق ضروري ، فوجب الاعتراف بأن القادر يمكنه ترجيح أحد مقدوريه على الآخر من غير مرجح.
واعلم أن هذين القولين لا مزيد عليهما في الجواب عن ذلك السؤال. لأنه إن ثبت أن القادر لا يصدر عنه الأثر المعين إلا عند انضمام المخصص إليه. وثبت أن عند انضمام المخصص إليه ، يجب الفعل ، فحينئذ يتم السؤال ، ولا يبقى عنه جواب البتة ، فيثبت أنه لا يمكن دفعه إلا بواسطة النزاع في إحدى المقدمتين ، إما أن يقال (٣) إن صدور الفعل عن القادر لا يتوقف (على انضمام المخصص إليه ، وهو قول من يقول : صدور الفعل عن القادر لا يتوقف) (٤) على انضمام الداعي إليه. وإما أن يقال : إنه وإن توقف
__________________
(١) حينئذ سقط (م).
(٢) سقط (ت).
(٣) أن يقال (س).
(٤) من (س).