ومنه الحديث «سنّة الخلفاء الرّاشدين الْمَهْدِيِّينَ» الْمَهْدِىُ : الذى قد هداه الله إلى الحقّ. وقد استعمل فى الأسماء حتى صار كالأسماء الغالبة. وبه سمّى المهدىّ الذى بشّر به رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه يجىء فى آخر الزّمان. ويريد بالخلفاء المهديّين أبا بكر وعمر وعثمان وعليّا ، رضى الله عنهم ، وإن كان عامّا فى كلّ من سار سيرتهم.
(س) وفيه «من هَدَى زقاقا كان له مثل عتق رقبة» هو من هداية الطّريق : أى من عرّف ضالّا أو ضريرا طريقه.
ويروى بتشديد الدّال ، إمّا للمبالغة ، من الهداية ، أو من الهديّة : أى من تصدّق بزقاق من النّخل : وهو السّكّة والصّفّ من أشجاره.
(ه) وفى حديث طهفة «هلك الْهَدِىُ ومات الودىّ» الهدىّ بالتشديد كالهدى بالتخفيف ، وهو ما يهدى إلى البيت الحرام من النّعم لتنحر ، فأطلق على جميع الإبل وإن لم تكن هديا ، تسمية للشيء ببعضه. يقال : كم هَدْىُ بنى فلان؟ أى كم إبلهم. أراد هلكت الإبل ويبست النّخيل.
وقد تكرر ذكر «الهدى والهدىّ» فى الحديث. فأهل الحجاز وبنو أسد يخفّفون ، وتيم وسفلى قيس يثقلّون. وقد قرىء بهما. وواحد الْهَدْيِ والْهَدِىِ : هَدْيَةٌ وهَدِيَّةٌ. وجمع المخفّف : أَهْدَاءٌ.
وفى حديث الجمعة «فكأنما أَهْدَى دجاجة ، وكأنّما أهدى بيضة» الدّجاجة والبيضة ليستا من الهدى ، وإنّما هو من الإبل والبقر ، وفى الغنم خلاف ، فهو محمول على حكم ما تقدّمه من الكلام ؛ لأنه لمّا قال «أهدى بدنة وأهدى بقرة وشاة» أتبعه بالدّجاجة والبيضة ، كما تقول : أكلت طعاما وشرابا ، والأكل يختصّ بالطّعام دون الشّراب. ومثله قول الشاعر :
* متقلّدا سيفا ورمحا (١) *
والتّقلّد بالسّيف دون الرّمح.
__________________
(١) صدره كما فى الصحاح (قلد) :
* يا ليت زوجك قد غدا *