(باب الهاء مع الجيم)
(هجد) ـ فى حديث يحيى بن زكريّا عليهماالسلام «فنظر إلى متهجّدى عبّاد بيت المقدس» أى المصلّين بالليل. يقال : تَهَجَّدْتُ ، إذا سهرت ، وإذا نمت ، فهو من الأضداد. وقد تكرر ذكره فى الحديث.
(هجر) (س) فيه «لا هِجْرَةَ بعد الفتح ، ولكن جهاد ونيّة».
(س) وفى حديث آخر «لا تنقطع الْهِجْرَةُ حتّى تنقطع التّوبة» الهجرة فى الأصل : الاسم من الْهَجْرِ ، ضدّ الوصل. وقد هَجَرَهُ هَجْراً وهِجْرَاناً ، ثم غلب على الخروج من أرض إلى أرض ، وترك الأولى للثّانية. يقال منه : هَاجَرَ مُهَاجَرَةً.
والْهِجْرَةُ هِجْرَتَانِ : إحداهما الّتى وعد الله عليها الجنّة فى قوله «إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ» فكان الرّجل يأتى النبىّ صلىاللهعليهوسلم ويدع أهله وماله ، لا يرجع فى شيء منه ، وينقطع بنفسه إلى مهاجره ، وكان النبىّ صلىاللهعليهوسلم يكره أن يموت الرّجل بالأرض التى هاجر منها ، فمن ثمّ قال : «لكن البائس سعد بن خولة» ، يرثى له رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن مات بمكّة. وقال حين قدم مكة : «اللهم لا تجعل منايانا بها». فلمّا فتحت مكّة صارت دار إسلام كالمدينة ، وانقطعت الهجرة.
والهجرة الثّانية : من هَاجَرَ من الأعراب وغزا مع المسلمين ، ولم يفعل كما فعل أصحاب الهجرة الأولى ، فهو مُهَاجِرٌ ، وليس بداخل فى فضل من هاجر تلك الهجرة ، وهو المراد بقوله : «لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التّوبة».
فهذا وجه الجمع بين الحديثين. وإذا أطلق فى الحديث ذكر الهجرتين فإنما يراد بهما هجرة الحبشة وهجرة المدينة.
ومنه الحديث «ستكون هِجْرَةٌ بعد هجرة ، فخيار أهل الأرض ألزمهم مُهَاجَرَ إبراهيم» الْمُهَاجَرُ ، بفتح الجيم : موضع المهاجرة ، ويريد به الشّام ؛ لأنّ إبراهيم عليهالسلام لمّا خرج من أرض العراق مضى إلى الشّام وأقام به.