إذا فهمت ذلك فنقول : إنّه لا يمكن أن يكشف بواسطة دليل التقييد موضوع العام مثلا في المثال المتقدم لو شككنا في فرد أنّه مباح حتى يجب إطاعتهما أو لا يكون مباحا حتى لا يجب إطاعتهما فلا يمكن التمسّك بعموم أطع الوالدين مثلا لإثبات إباحة هذا الفرد من أمرهما ، أو في باب النذر يكون عموم في البين مثلا (أوفوا بالنذور) وثبت من دليل آخر بعنوان ثانوي أنّه يشترط في متعلّق النذر أن يكون راجحا.
فعلى هذا بمقتضى التخصيص يكون الوفاء بالنذر واجبا إذا كان متعلّقه راجحا ، فإذا شككنا فى مورد أنّ متعلّق هذا النذر يكون راجحا حتى يشمله أدلّة وجوب الوفاء بالنذر أو لا يكون راجحا فلا يمكن التمسّك بعموم (أوفوا بالنذور) لإثبات رجحان ذلك الفرد ، والسرّ في ذلك هو أنّ الموضوع يكون مقدّما على الحكم فلا بدّ أوّلا من إحراز الموضوع حتى يشمله الحكم فكيف يمكن أن يصير موضوع النذر راجحا بواسطة الحكم؟ بل يلزم أن يكون في رتبة متقدمة هذا الفرد راجحا حتى يشمله حكم الوفاء بالنذر ، ولا يمكن كشف رجحانه من الحكم ، وهذا واضح.
ولا فرق في عدم جواز التمسّك بعموم العام لإثبات الفرد كالمثال المتقدّم بين أن نقول بجواز التمسّك بالشبهات المصداقية وعدم الجواز ، أمّا على القول بعدم الجواز فواضح ، وأمّا على القول بجواز التمسّك بالعام في الشبهة المصداقية فأيضا لا يجوز حيث إنّه قلنا في كلّ مورد يكون التخصيص بلسان التقييد لا يكون التمسّك بالعام في الشبهة المصداقية جائزا لأنّه يكون حقيقة كالمخصص المتّصل سببا لتقييد العام ولا يكون العام حجّة إلّا في المقيّد. فعلى هذا كل فرد لم يكن معنونا بعنوان المقيّد لم يشمله العام ، وهذا ممّا لا ريب فيه.
ثم إنّه بعد ما عرفت ما قلنا نقول بأنّه إذا ورد الدليل على ثبوت الحكم للفرد ولو لم يكن معنونا بعنوان العام المقيّد ولا يمكن توجيهه بنحو من الأنحاء لا بدّ من الالتزام