علاقة الإطلاق والتقييد من العلاقات المجازية ، فهذا منشأ النزاع بين سلطان العلماء وبين المتأخّرين فإنّ سلطان العلماء رحمهالله يقول بأنّ أخذ الإطلاق غير محتاج الى شيء من الخارج ، هو مستفاد من الوضع لكون اللاحظ حين الوضع لاحظ بالنحو الثاني والمتأخّرون قائلون بأنّ أخذ الإطلاق محتاج الى مقدمات الحكمة ، وغير ثابت ذلك بالوضع لكون الوضع على النحو الأوّل.
إذا عرفت منشأ الاختلاف أظنّ أنّ الأمر واضح وأنّ الواضع حين اللحاظ لم يلاحظ إلّا نفس الطبيعة ونفس المعنى بدون لحاظ حيث آخر فيكون الحقّ مع المتأخّرين ، والوجدان شاهد على ذلك مثلا ترى أنّك لو سمّيت ابنك بعلي فهو أيضا لفظ مطلق لشموله لجميع حالاته من صغره وكبره وصحّته وسقمه وعلمه وجهله ، فأنت غير ناظر الى حيث كونه عاريا من هذه الخصوصيات حين وضع الاسم له ، بل تلاحظ ذاته وسمّيت بعلي ، ولذا يطلق عليه هذا الاسم في جميع هذه الحالات في حال الصغر والكبر ، وغير ذلك بدون علاقة مجازية ، والحال أنّك لو لاحظت حين الوضع حيث كونه عاريا من الخصوصيات فحمل هذا الإسم عليه في هذه الحالات لم يكن جائزا إلّا مجازا ، فحمل الاسم عليه في جميع الحالات بدون علاقة مجازية شاهد على أنّ حين الوضع يكون لحاظ الأين بالنحو الأوّل يعني لا بشرط المقسمي ، فالمطلب واضح لا ريب فيه.
ثم إنّ الإطلاق تارة يكون بالنسبة الى الأفراد وتارة يكون بالنسبة الى الأحوال والأزمان ، فاللفظ المطلق تارة يكون مطلقا بالنسبة الى الأفراد فيكون إطلاقه بالنسبة الى الأفراد ، وتارة يكون إطلاقه بالنسبة الى الأحوال والأزمان ، وهذا القسم يكون كثيرا ، لأنّ هذا يجري حتى بالنسبة الى الأعلام الشخصية مثلا لفظ (زيد) ولو لم يكن له إطلاق بالنسبة الى الأفراد لكونه جزئيا ولكن له إطلاق بالنسبة الى الأحوال والأزمان ، فمعنى إطلاقه للأحوال والأزمان شموله لكلّ حال