والوسائل المعروفة في الدنيا مثل الرمان والنخل ولحم الطير والزنجبيل والكافور والمسك والأرائك والنمارق والزرابي والأكواب والصحاف والحرير واللؤلؤ إلخ ... إلخ. وحيث يبدو أن حكمة التنزيل اقتضت أن تكون أوصاف ومشاهد الحياة الأخروية ووسائل نعيمها وعذابها مستمدة من مألوفات الناس في الدنيا لأن الفكر البشري لا يستطيع أن يفهم ما لم يكن قد رآه ودخل في نطاق تصوره المستمد من حواسه على ما نبهنا إليه في المناسبات السابقة. مع واجب الإيمان بحقيقة الأوصاف والمشاهد الأخروية التي أخبر عنها القرآن وكونها في نطاق قدرة الله تعالى ومقتضى حكمته.
(إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفاسِقِينَ (٢٦) الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٢٧) كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٨) هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٩)) [٢٦ ـ ٢٩].
في الآيتين الأوليين : تقرير بأن الله تعالى لا يرد في حقه الحياء من ضرب الأمثال للناس في القرآن مهما بدا أنها بديهية أو تافهة كبعوضة أو ما فوقها. فالمؤمنون يقبلون على تدبر هذه الأمثال وتلقيها حقا لأنها وحي الله الذي لا يمكن أن يصدر عنه إلّا الحق والحكمة. وأما الكافرون فهم الذين يتمحلون ويتساءلون ، تمحّل المستخف المستهين وتساؤله عن مدى مراد الله منها. وإن الله ليهدي بالأمثال القرآنية كثيرين ويضل كثيرين ، غير أن الذين يضلون بها هم الفاسقون المتمردون سيئو النية وخبثاء الطوية. الذين من صفاتهم نقض عهد الله من بعد