في غير محله. ثم أخذت الآيات تعدد أفعالهم وأقوالهم ومواقفهم للبرهنة على فقد أي أمل في إيمانهم :
١ ـ فقد كان منهم من يسمع آيات القرآن ثم يحرفون ما سمعوا تعمدا بقصد التشويش والتعطيل والتشكيك بعد أن يكونوا عقلوه وفهموه.
٢ ـ وكان فريق منهم إذا التقى بالمؤمنين قالوا لهم آمنّا بأن ما جاء في القرآن حق مطابق لما عندنا ، فإذا خلا بعضهم إلى بعض ندد بعضهم بهذا الفريق وقرعوهم وقالوا لهم إنكم بما تقولونه للمؤمنين عما عندكم من علم الله وكتبه تعطونهم حجة عليكم وبرهانا ضدكم عند الله.
٣ ـ ومنهم الأميون الجاهلون الذين لا يعلمون ما في الكتاب علما يقينيا ويتظاهرون مع ذلك بالعلم به وينسبون إلى كتاب الله ما ليس فيه أو يكتبون كتابات بأيديهم ويدعون أنها من كتاب الله قاصدين بذلك المنافع الخسيسة والقيم البخسة.
٤ ـ وكانوا يتبجحون بحظوتهم عند الله ويزعمون أن النار لن تمسهم إلّا أياما معدودة.
وقد تخلل الآيات مقاطع فيها تنديد وإنذار جريا على الأسلوب القرآني : فالويل لهم مما يكتبون ويكذبون ويتبجحون وإنهم لعلى سخف وضلال لتجاهلهم أن الله يعلم ما يسرّون كما يعلم ما يعلنون. وهم إذ يقولون لن تمسّنا النار إلا أياما معدودة يقولون ذلك كأنما أخذوا عهدا من الله به فلم يعودوا يبالون بما يصدر منهم من آثام ، فضلا عما في ذلك من افتراء على الله ، لأن سنته وعدله يجريان دائما على أن من اقترف سيئة وأحاطت به خطيئة فهم من أصحاب النار خالدين فيها أيا كانوا وأن من آمنوا وعملوا صالحا فهم وحدهم أصحاب الجنة الخالدون فيها.
وأسلوب هذه الحلقة التفاتيّ ، فالحلقات الأولى خاطبت اليهود ونددت بهم وربطت بين مواقفهم ومواقف آبائهم. في حين أن هذه الحلقة التفتت إلى النبي صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين لتذكرهم بما يقولون ويفعلون ولتبرهن لهم على أن الطمع في إيمانهم لا محل له مع هذه الأقوال والأفعال التي تصدر عنهم.