من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة من إيمان ...» (١). وحديث رواه الشيخان والترمذي أيضا عن أبي ذرّ عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «أتاني جبريل عليهالسلام فبشّرني أنه من مات من أمّتك ولم يشرك بالله شيئا دخل الجنّة. قلت : وإن زنى وإن سرق؟ قال : وإن زنى وإن سرق ...» (٢) والمفروض على ضوء صراحة الحديث الأول أن يكون الشخص دخل النار على ذنوب ارتكبها وهو مؤمن ولم يستحلّها وهذا ينسحب على الزاني والسارق الذي يدخل الجنة إذا مات لا يشرك بالله كما هو المتبادر. لأن الحديث لا يقول إنه لا يعذب أو لا يدخل النار قطّ ، وإنما يقول إنه يدخل الجنة. وهناك حديث رواه الخمسة عن ابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «لا يزني العبد حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب حين يشرب وهو مؤمن ولا يقتل وهو مؤمن» (٣). وشراح الحديث يحملون هذا الحديث على فرض أن يكون مرتكبو هذه الكبيرات وهم مستحلّون لها وهذا حقّ وصواب فيما هو المتبادر.
أما الذنوب التي يتوب عنها أصحابها توبة صادقة ولو كانت من الكبائر فمن حقهم أن يأملوا عفو الله وعدم دخول النار بسببها. وهناك آيات كثيرة تفتح باب التوبة وتعد بغفران الله لكل فئة من المذنبين بما فيهم المشركون والمنافقون والمحاربون لله ورسوله والمفسدون في الأرض والزناة والسارقون والقاتلون إلخ إذا ما تابوا توبة صادقة على ما شرحناه في تعليقنا على موضوع التوبة في تفسير سورة البروج ، والله أعلم.
(وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (٨٣) وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا
__________________
(١) التاج ج ١ ص ٢٦ و ٢٧.
(٢) انظر المصدر نفسه.
(٣) التاج ج ٣ ص ٥.