أبي طالب حين رجع من الهجرة الأولى ، وواحد يذكر أنهم جماعة من الروم فيهم بحيرا الراهب ، وقول عن الضحاك أنهم الذين آمنوا من اليهود مثل عبد الله بن سلام. وقول عن عكرمة أنهم أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم. وليس شيء من الروايات واردا في الصحاح. ورواية الحبشة بعيدة لأن جعفر رجع بعد صلح الحديبية وإجلاء اليهود عن المدينة والآيات تفيد أنهم كانوا ما يزالون فيها. وجماعة النصارى ورد فيها آيات في سورة المائدة ، ونعت الجماعة بالذين آتيناهم الكتاب يجعل صرفها إلى أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم غير سائغ. والسياق في اليهود بحيث يسوغ الترجيح بكونهم من اليهود الذين آمنوا. وفي سورة النساء آية صريحة بأن بعض الراسخين في العلم من اليهود آمنوا برسالة النبي صلىاللهعليهوسلم وكانوا يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهي الآية [١٦٢].
ولقد اختلف المفسرون في عائدية ضمير الغائب في (بِهِ) في الآية الثانية. فمنهم من قال إنه عائد إلى القرآن ومنهم من قال إنه عائد إلى كتب أهل الكتاب. والمقام يتحمل هذا وذاك ونحن نرجح القول الأول الذي عبر عنه بكلمة (الْعِلْمِ) في الآية الأولى. فتكون الآية الثانية بذلك مع ظرفية نزولها قد انطوت على تقرير عام مستمر المدى بأن كل من يتلو كتب الله حق تلاوتها وتفهمها حق الفهم من أهل الكتاب لا بد من أن يؤمن برسالة محمد وبما أنزله الله عليه. وهذا تقرير صادق دامغ ، ولقد أخبرنا الله في آيات عديدة مثل الأنعام [١٩ و ١٠٠] والأعراف [١٥٧] والصف [٦] أن اليهود والنصارى يجدون صفات محمّد في التوراة والإنجيل وأن عيسى بشّر به ، وأن أهل الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وأن القرآن منزل من الله. ولقد كانت هذه الآيات تتلى علنا ويسمعها أهل الكتاب وقد علموا ما فيها من حق وصدق فآمن منهم من استطاع أن يتغلب على أنانيته ومنافعه وإذا كان أهل الكتاب اليوم يقولون إن ذلك ليس في التوراة والإنجيل فإن التوراة والإنجيل ليسا في أيديهم وقد فقدا ، وإن ما في أيديهم مكتوب بأقلام متأخرة وقد طرأ عليها تحريف وتبديل وشيبت بالتناقض على ما شرحناه في سياق شرحنا للتوراة والإنجيل في تفسير سورة الأعراف.