ونتف الإبط وغسل أثر الغائط والبول. ومنها أنها حلق العانة والختان ونتف الإبط وتقليم الأظفار وقصّ الشارب والاغتسال يوم الجمعة والطواف حول الكعبة والسعي بين الصفا والمروة. ومنها أنها عبادة الكوكب ثم القمر ثم الشمس التي أداها ثم ارتدّ عنها لأفولها ثم النار التي ألقي فيها ثم الهجرة ثم الختان. وقد قال الطبري إنه لم يصح من ذلك شيء عن النبي صلىاللهعليهوسلم فيجوز أن تكون هذه أو غيرها وبعضها أو جميعها وهو كلام صائب. ويبدو أن ما قيل في صدد ذلك من باب التخمين وليس من وراء اكتشاف الكلمات بالتخمين من طائل. والأولى أن يكتفى بالقول إنها أوامر ونواه ربانية أمر الله بها خليله عليهالسلام فأداها على النحو الذي أمره بها. وإن كان من شيء يمكن أن يقال بالإضافة إلى هذا فهو أن الروايات تذكر أن العادات الجسدية المذكورة في أول الأقوال مما كان ممارسا في بيئة النبي صلىاللهعليهوسلم بالإضافة إلى الطواف والسعي. وظلت تمارس في الإسلام منها ما كان بأمر قرآني وهو الطواف والسعي ومنها ما كان بتعليم نبوي قولي وفعلي. فمن الجائز أن يكون التخمين بالنسبة لهذه العادات مستمدا من ذلك وأن يكون أهل بيئة النبي صلىاللهعليهوسلم كانوا وظلوا ينسبونها إلى إبراهيم (عليهالسلام) والله أعلم.
وكلمة (ذُرِّيَّتِي) الواردة في الآية [١٢٤] تشمل كما هو المتبادر جميع المنتسبين إلى إبراهيم بالنبوة وأبناء إبراهيم الذين خلفوا ذريته هم اسحق وإسماعيل وزمران ويقشان ومدان ومدين ويشاق وشوما إذا صح ما ورد في سفر التكوين بالنسبة للستة الآخرين. أما إسحق وإسماعيل فقد نسبهما القرآن لإبراهيم فيجب الإيمان بذلك ، والمشهور المتداول أن بني إسرائيل من ذرية إسحق وأن العرب العدنانيين الذين منهم القرشيون من ذرية إسماعيل على ما ذكرناه في مناسبات سابقة.
ولقد أول المؤولون على ما رواه الطبري جملة (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) بأنها بمعنى لا يكون من الظالمين من ذرية إبراهيم من يرضى الله أن يكون إماما للناس أو أنها بمعنى استثناء الظالمين مطلقا من ذريته من مدى عهد الله له. ويتبادر لنا أن حكمة الله في هذا الاستثناء هدفت إلى إحباط تبجح المنتسبين بالبنوة إلى إبراهيم