الحج وعلم الطواف بين الصفا والمروة فيما علمه وأداهما فوجب على المسلمين اتباعه. ولقد روى البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن ابن عمر قال : «قدم النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فطاف بالبيت سبعا وصلّى خلف المقام ركعتين وطاف بين الصفا والمروة سبعا ، وقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة». وروى النسائي والترمذي عن جابر قال : «قدم النبيّ صلىاللهعليهوسلم مكة فطاف بالبيت سبعا وقال اتخذوا من مقام إبراهيم مصلّى فصلّى خلف المقام ثم أتى الحجر فاستلمه ثمّ قال : نبدأ بما بدأ به الله فبدأ بالصفا وقرأ (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ)» (١). وعلى ضوء هذا يكون القول الأول الذي رجّحه الطبري هو الأوجه. ووصف الصفا والمروة بشعائر الله في الآية قد يدعم ذلك والله تعالى أعلم.
وفي الحديث الطويل الذي يرويه مسلم عن جابر عن حجة الوداع النبوية «أن النبي صلىاللهعليهوسلم طاف بين الصفا والمروة راكبا على راحلته» (٢). واستند بعض الفقهاء إلى هذا فأجازوا الطواف بينهما للمسلم وهو راكب. وقيده بعضهم بالعذر ، وقد يكون هذا هو الأوجه لأن المسافة قصيرة لا تتحمل الركوب إلا بالنسبة للمعذور. وهناك حديث يرويه مسلم عن جابر أن النبي صلىاللهعليهوسلم إنما طاف على راحلته ليراه الناس وليشرف عليهم وليسألوه» (٣). وهذا قد يدعم ذلك.
ويطلق على الطواف بين الصفا والمروة تعبير (السعي) أيضا. وهذا مما ورد في حديث ابن عمر الذي أوردناه آنفا. والمؤولون متفقون على أن معناه المشي بسرعة أو هرولة وهناك حديث يرويه الشيخان عن ابن عباس أن النبي صلىاللهعليهوسلم إنما سعى إلى مشي بسرعة أو هرولة ليري المشركين قوته (٤). والممارس منذ عهد الخلفاء الراشدين أن يمشي الطائف مسافة ويسعى أو يهرول مسافة.
__________________
(١) التاج ج ٤ ص ٤٥ ـ ٤٦.
(٢) التاج ج ٢ ص ١٤١ ـ ١٤٥.
(٣) أورد الحديثين القاسمي وعزا أولهما إلى مسلم وثانيهما إلى الشيخين.
(٤) المصدر نفسه.