جهنّم خالدا فيها» (١). والمتبادر أن الرابعة هي قتل القاتل بعد العفو وأخذ الدية. والراجح أن هذا يكون في حالة تعدد أولياء القتيل وعفو بعضهم وقبولهم بالدية دون الآخرين. والجمهور على أن عفو بعض الأولياء وقبولهم بالدية يمنع القصاص وهذا وجيه ومؤيد لما رجحناه من وجه المسألة.
٤ ـ ومما رواه المفسرون في جملة : (فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ) أنها في معنى أن لولي القتيل الذي يعفو ويقبل بالدية أن يطالب بها بالمعروف أي بدون عنف وأن على القاتل وأهله أن يؤدوا الدية بالحسنى بدون إبطاء ونقص ، وهذا سديد وجيه.
والجمهور متفقون على أن لأولياء القتيل أن يعفوا عن دم قتيلهم بدون دية أيضا ، وهذا حقّ متبادر من روح الآية.
وهكذا تكون الآية قد انطوت على تلقين جليل في حالة العفو. فالله تعالى إذا أباح العفو فإن ذلك منه تخفيف ورحمة فلا يجوز للمسلمين أن يسيئوا استعمال هذه الرخصة. وعليهم أن يسيروا في أداء ما يترتب عليهم وفي مقاضاته بالحسنى والمعروف والحق. وهذا عدا ما في مبدأ إباحة العفو والصيغة المحببة التي ورد بها من تمشّ مع طبيعة الأمور وملاحظة مصلحة الناس وحالاتهم في مختلف الظروف أيضا من تلقين جليل آخر.
٥ ـ وأكثر أئمة الفقه على أنه إذا اشترك أكثر من واحد في قتل قتيل فإنهم يقتلون به. وقد أورد ابن كثير خبرا يفيد أن عمر قتل سبعة في غلام وقال لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم. وقال ابن كثير إنه لا يعرف لهذا مخالف من الصحابة. وينسب إلى الإمام أحمد عدم تجويز قتل الجماعة بالواحد. ويتبادر لنا أن الرأي الأول أوجه إذا ما ثبت أن الجماعة اشتركوا فعلا في القتل وليس هناك بينة أو دليل على واحد بعينه أكثر من غيره والله أعلم.
__________________
(١) التاج ج ٣ ص ١٥.