كلّ ذي حقّ حقّه وإنّه لا وصيّة لوارث» (١) قد نسختها. ومنهم من قال إنها لم تنسخ وإن حكمها قائم. ومنهم من قال إن آيات المواريث والحديث النبوي قد نسخ الوصية للوارثين فقط دون غيرهم من الأقارب. والقول الأخير هو الأوجه كما هو المتبادر. ومن القرائن على استمرار حكم الوصية بعد نزول آيات المواريث في سورة النساء أن هذه الآيات كررت التنبيه على وجوب تنفيذ وصية الميت وأداء ما عليه من دين قبل توزيع التركة. وهناك كثير من طبقات الأقارب قد لا ينالهم من الإرث نصيب مثل الأخوة في حال وجود الأبناء الذكور والآباء ومثل الأحفاد حينما يكون لهم أعمام ومثل الأعمام والعمات والأخوال والخالات في حال وجود ورثة أقرب كالآباء والأبناء الذكور إلخ إلخ ... حيث تكون الوصية لهؤلاء حلّا لمشكلتهم وسدا لعوزهم لأنهم محجوبون عن الإرث وفي هذا ما فيه من حقّ وروعة وجلال.
والآية الأولى قوية التعبير حتى جعلت الوصية فرضا وحقا على من يتقي الله تعالى ولعل هذا من مفردات التشريع الإسلامي وخصوصياته.
ولقد روى البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو داود حديثا عن ابن عمر عن النبي صلىاللهعليهوسلم جاء فيه : «ما حقّ امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلّا ووصيته مكتوبة عنده» (٢).
وقد أورد الطبرسي في سياق تفسير الآيات حديثا نبويا جاء فيه : «من مات بغير وصيّة مات ميتة جاهلية» وحديثا آخر جاء فيه : «من لم يحسن وصيّته عند موته كان نقصا في مروءته وعقله» وحديثا عن علي بن أبي طالب جاء فيه : «من لم يوص عند موته لذوي قرابته فقد ختم عمله بمعصية».
وقد أورد الطبري قولا عن الضحاك أحد علماء التابعين جاء فيه : «من مات
__________________
(١) انظر التاج ج ٢ ص ٢٤٣. وروى هذا الحديث الترمذي عن أبي أمامة.
(٢) انظر المصدر نفسه ص ٢٤١ ، وقد أورد ابن كثير قولا لابن عمر بعد أن أورد الحديث المذكور جاء فيه : «ما مرّت عليّ ليلة منذ سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول ذلك إلّا وعندي وصيتي».