بل وجوب الوصية للمحتاجين من غير الأقارب أيضا والله تعالى أعلم.
وقد شجعت الفقرة الأخيرة من الآية الثالثة الوسطاء على التدخل بين الموصي الذي يريد بوصيته الضرر أو يخشى منه ذلك والإصلاح بينهم. وفي هذا ما فيه من حكمة سامية بسبيل منع الضرر وإقرار ما فيه الخير والمصلحة لمختلف الفرق. وقد قال المفسرون إن هذا التشجيع مستمر المدى بعد موت الموصي أيضا بحيث يتدخل وسطاء الخير للإصلاح بين الورثة والموصى لهم حتى يزال الجنف والضرر اللذين يكونان في الوصية. وفي هذا وجاهة وصواب تؤيدهما جملة : (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) بالنسبة للمتدخل للإصلاح حيث تنطوي على تبرئة الوسيط من إثم تبديل الوصية الذي أنذر به المبدلون لها في الآية الثانية ، لأن فعله بسبيل الخير والإصلاح الذي هو من أهداف الدعوة الإسلامية والمبادئ القرآنية والنبوية.
وعبارة الآية الثالثة يمكن أن تتناول أي مسلم قادر على الإصلاح كما يمكن أن تشمل ولي أمر المسلمين. وفي هذا ما فيه من توسيع فسحة الإصلاح ودفع الأذى والضرر والجنف.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٨٣) أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٨٤) شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٨٥) وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (١٨٦) أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ