إلى النار من الكفر والفسوق ويسلكون سبيلهما والتزاوج مظنة الإلفة والمودة. وهذا يوجد التوافق في المطالب والمسيرة فصار من الواجب أن لا يتزاوج المسلمون والمشركون حتى لا ينحرف المسلمون وذراريهم إلى سبل غير الله من وثنية وتقاليد وثنية خلقية واجتماعية ، والله تعالى أعلم. وهذه المحاذير منتفية في ما اقتضته حكمة التنزيل من نسخ حكم هذه الآية بإحلال تزوج المسلمين من الكتابيات على ما سوف نزيده شرحا في تفسير المائدة.
وروح الآية بل وفحواها يفيد أن النهي هو عن التزوج بالمشركات الحرائر وتزويج المشركين بالمسلمات. والمتبادر أن هذا لا يشمل استفراش ملك اليمين من الإماء المشركات ويدعم هذا حديث رواه مسلم وأبو داود والترمذي عن أبي سعيد قال : «بعث النبيّ صلىاللهعليهوسلم بعثا يوم حنين إلى أوطاس فظهروا عليهم وأصابوا فيهم سبايا فتحرّج بعض أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم عن غشيانهن من أجل أزواجهم المشركين فأنزل الله : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) النساء : [٢٤] أي فهن حلال لكم إذا انقضت عدتهنّ» (١). وحديث رواه أبو داود والترمذي أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «لا يحلّ لامرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره. ولا يحلّ لامرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقع على امرأة من السبي حتى يستبرئها بحيضة» (٢).
وفي تفضيل الأمة المؤمنة على الحرّة المشركة والعبد المؤمن على الحر المشرك تلقين قرآني جليل بما ضمنه الإسلام للأرقاء المؤمنين من رفعة المركز والوجاهة. وهذا يضاف إلى عناية القرآن بتحرير العبيد بمختلف الأساليب والحثّ على الرفق بهم وما ورد من أحاديث نبوية في صدد ذلك مما شرحناه في تعليقنا على موضوع الرقيق في تفسير سورة البلد.
ومن الجدير بالتنبيه في هذه المناسبة أن القصد من العبد المؤمن والأمة
__________________
(١) التاج ج ٢ ص ٢٨٤ و ٢٨٥.
(٢) انظر المصدر نفسه.