حديثا عن أبي يونس مولى عائشة (رضي الله عنها) جاء فيه : «أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفا فقالت : إذا بلغت هذه الآية : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) فآذنّي فلما بلغتها أعلمتها ، فأملت عليّ (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر) وقالت سمعتها من رسول الله صلىاللهعليهوسلم (١).
وهكذا يكون تأويل الصلاة الوسطى بصلاة العصر هو الأوجه المؤيد بأحاديث صحيحة وهو ما عليه الجمهور ولقد أثر عن النبي صلىاللهعليهوسلم أحاديث عديدة منها ما هو صحيح فيها تنويه بصلاة العصر وإنذار لمن تفوته مما فيه تساوق مع التلقين القرآني ، من ذلك حديث رواه البخاري والنسائي عن بريدة أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله» (٢). وحديث رواه الشيخان عن ابن عمر أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله» (٣).
ولقد روى الزمخشري في سياق الآية رواية تفيد أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يجلس إلى أصحابه بعد صلاة العصر فيتحلقون حوله ويستمعون إلى عظاته وأحاديثه ويتذاكرون فيما بينهم من أمور وما يكون من شؤون. وهذه الرواية لم ترد في كتب الصحاح ولا يمنع هذا من صحتها حيث ينطوي فيها توضيح ما لاهتمام كتاب الله ورسوله بهذه الصلاة والله أعلم.
وما تقدم هو في صدد الفقرة الأولى من الآية الأولى وفي صدد الفقرة الثانية منها أي : (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ (٢٣٨)) روى البخاري والترمذي حديثا عن زيد بن أرقم قال : «كنّا نتكلّم في الصلاة يكلّم أحدنا أخاه في حاجته حتى نزلت فأمرنا بالسكوت». حيث ينطوي في الحديث ما فهمه أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعملوا به من تلقين الآية. وهناك أحاديث أخرى أوردها ابن كثير تفيد أن الأمر بذلك كان من النبي صلىاللهعليهوسلم أيضا. منها حديث أخرجه مسلم جاء فيه : «إن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال لمعاوية بن الحكم السلمي حين تكلّم في الصلاة : إن هذه الصلاة لا يصحّ فيها شيء من كلام
__________________
(١) التاج ج ٤ ص ٥٧.
(٢) التاج ج ١ ص ١٢٣.
(٣) التاج ج ١ ص ١٢٣.