وآخرين أيضا أن حكم الآية ظل محكما لمن تشاء من الزوجات البقاء في بيت زوجها المتوفى سنة مع إيجاب نفقتها ، ويبقى حكم الآية [٢٣٤] وما ورد في صددها من أحاديث أوردناها قبل محكما بالنسبة لهذه الزوجة. وقد صوب الطبري القول الأول غير أن الذي يتبادر لنا استلهاما من مجيء هذه الآية بعد الآية [٢٣٤] أن القول الثاني هو الأوجه وليس هناك حديث وثيق بالنسخ. أما مسألة نفقتها طول السنة فالذي يتبادر لنا أن نسخها بآية المواريث هو وجيه وآية المواريث نزلت بعدها والله أعلم.
وعلى صحة استنتاج بقاء الآية محكمة في حق الزوجة في البقاء في بيت زوجها المتوفى عنها سنة كاملة وعدم الحرج مع ذلك من خروجها أثناء هذه المدة فالذي يتبادر لنا مع الآية ومقاصدها أنها لو خرجت لحاجتها ثم أرادت أن تعود إلى بيت زوجها لإتمام مدة السنة فلها ذلك ، والله تعالى أعلم.
(وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (٢٤١) كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢٤٢)) [٢٤١ ـ ٢٤٢].
في الآيتين توكيد لحق المتعة والتعويض للمطلقات في نطاق العرف والعادة والأمثال. وتقرير كون هذا واجب الأداء على المتقين لغضب الله والراغبين في رضائه. وبيان بأن الله ينزل آياته ليعرف المؤمنون منها ما يجب عليهم فيعقلوه ويسيروا وفقه.
وقد روى المفسرون (١) أن الآيتين نزلتا بسبب فهم بعض المسلمين من جملة (حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) الواردة في الآية [٢٣٦] أنهم غير ملزمين بالمتعة فإن أحبوا متعوا وإلّا فلا واجب عليهم ، والرواية لم ترد في كتب الصحاح ولكنها محتملة الصحة. وقد وضعت الآيتان في ترتيبهما للتناسب والتقارب الموضوعي وربما
__________________
(١) انظر الطبري والخازن وابن كثير والطبرسي.